قَليلكِ … لا كثيرهُنَّ .. ديوان الشاعر يحيى السماوي
التنضيد الإلكتروني : شهيـــــــــد البركات
الاخراج الطباعي : سليم فيلي
بسم الله الرحمن الرحيم
استراليا 2006
ISBN : 0-9751200-3-4
إهـــــــداء
للطفل ِ
يحبو فوقَ أرصفةِ الكلامْ..
لللأُمِّ تَحضِنهُ .. تزقُّ مكارم الأخلاقِ..
للأبِ
عائداً بحصادِ ساعدهِ الحلالِ
معطراً بندى الجبينٍ..
وللينابيعِ ..
البساتينِ … الحَمامْ
لِعصا الضَّرير..
لفارس كَبَتِ الصروفُ بهِ
فقامْ ..
للحرِّ يأنفُ
أن يُضامْ ..
للصبحِ يغسلُ بالضياءِ الدربَ
من وحلِِ الظلامْ..
لليلِ ينسجُ من حريرِ نسيمهِ
بُردَ المسرَّةِ للأنامْ
للريح قادتْ للثرى العطشانِِ
قافلة الغَمامْ ..
للبئرِ والناعورِ..
للمحراثِ …
للوتدِ الذي شدَّ الخِيامْ..
لغزالةٍ برّيةٍ أََنِسَت بها الصحراءُ ..
للراعي ..
الرَّبابةِ..
للخُزامْ..
ولذائذٍ عن ظبيةِ القلبِ المُتيًّم
بالصلاةِ وبالصيامْ
لحبيبةٍ زانتْ بتبرِ عفافِها
جيدَ الهيُامْ ..
ولشاهرٍ غصنَ المحبةِ
حين تحتقنُ الضغينةُ ..
للحدائِق حين تزدحمُ الخنادقُ ..
للمودَّة والوئامْ
للمستبدِّ اختار أن يلقي السياطََ
الى الضرامِْ
للمارقِ انتبذَ الخطيئةَ
فاستقامْ :
أهدي نميرَ قصائدي
ورغيفَ تنّور المحبةِ
والسلامْ
*****
لثرى الأَحبَّةِ .. لا الثُريّا
يمَّمتُ قلبي .. واستعنْتُ بأصْغريّا
جسراً
يشدُّ الى ضفافكِ ناظريّا
لي أنْ أحَبكِ
كي أُصدقَ أَنني ما زلتُ حيّا..
لي أن اقيم بآخرِ الدنيا
ليصهلَ في دمي فرسُ اشتياقي
أن يجفَّ النهرُ بين يديْ
فأطرقُ بابَ نبعكِ غائم العينينِِ
أستجديكِ ريّا ..
لي أن أُعيدَ الأعتبارَ الى الجنونِِ
كأن أعيشَ عذابَ قيسِِ بنِِ الملوّح
والقتيل" الحميريّ"
وأن أجوبَ مفاوزَ الأحلامِِ
معموداً شقيّا ..
لأطلًّ من جُرحي عليكِ
مضرًّجاً بالوجْدِ
كهلاً راعِفَ العُكازِ
مُنطفيءَ المُحيّا
حتى إذا جسّتْ يداكِ يدي
أعودُ فتىً بهيّا ..
لي أن أحبَ الناسِِ …
والشَجَر…
الينابيعَ …
الطيورَ…
لكي أكونَ مؤهلاً للحبِ
في الزمنِ الجديدِ
وأن أكونَ لخيمةِ الوطنِِ الرواقَ
وللعفافِ صدىً شجيّا …
لي أنْ أكونَ على الخطيئةِ
حين تَطرُقُني عصيّا …
لي أن أذودَ عن الحمامِِ
وأن أُصيّرَ أضلُعي فَنناً
وعُشّاً مقلتيّا…
لي أن أرشَّ بكوثرِ الصلواتِ أيامي
ليبقى عشبُ عاطفتي بلا دَغلٍ
وزهرُ غدي نديّا
كيما أكونَ مؤهلاً للعشقِِ
والصبَّ التقيّا
*****
*القتيل الحميري: هو توبة بن معمر الحميري عاشق ليلى الأخيلية
بينكِ والعراقْ
تماثلٌ …
كِلاكُما يسكنُ قلبي نَسَغَ احتراقْ
كلاكما أعلنَ عصياناً
على نوافذِ الأحداقْ
وها أنا بينكما
قصيدةٌ شهيدةٌ
وجثَّةٌ القى بها العشقُ
الى مقبرةِ الأوراقْ
*****
بينكِ والفراتْ
آصِرَةٌ …
كِلاكُما يسيلُ من عينيَّ
حين يطفحُ الوجدُ
وحين تشتكي حمامةُ الروح ِ
من الهجيرِ في الفلاةْ ..
كلاكما صيَّرني أمنيةًً قتيلةًً
وضحكةً مُدماةْ
تمتدُ من خاصرةِ السطورِ
حتى شَفةِ الدواةْ …
كلاكما مئذنةٌ حاصَرها الغُزاةْ ..
وها أنا بينكما
ترتيلةٌ تنتظرُ الصلاةْ
في المدنِِ السُباتْ
*****
بينكِ والنخيلْ
قرابةٌ …
كلاكما ينامُ في ذاكرةِ العشبِ
ويستيقظُ تحتَ شرفةِ العويلْ
كلاكما أثكلًهُ الطغاةُ والغُزاةُ
بالحفيفِ والهديلْ
وها أنا بينكما
صبحٌ بلا شمسٍ
وليلٌ ميّتُ النجوم ِ والقنديلْ
*****
لا تعجبي إن هَرمت نخلةُ عمري
قبل أن يبتديء الميلادْ
لا تعجبي …
فالجذرُ في "بغدادْ "
يرضعُ وحلَ الرُعبِ..
والغصونُ في "أدِلادْ"
وها أنا بينكما
شراعُ سندبادْ
يبحرُ بينَ الموتِ والميلادْ
*****
ستسافرينَ غداً ؟
إذن ما نفعُ حنجرتي ؟
سأدخلُ كهفَ صمتي
ريثما تخضرُّ صحرائي
بوقع ِ خُطى إيابِكْ
لأعودَ ثانيةً سؤالاً حائراً :
كيفَ الوصولُ الى سحابِكْ
إنْ قد عجزتُ
عن الوصولِِ الى ترابكْ؟
سأُنيمُ حنجرتي
فما معنى الغناءِ
بلا رَبابِكْ ؟
*****
لا بدَّ من حلمٍ
لأعرفَ أنني قد نمتُ ليلي
في غيابكْ…
الآن يكتملُ انتصاري
باندحار غرورِ أشجاري
أمام ظِلالِِ غابكْ
الآن أرفع رايةَ استسلامِ قلبي
جهّزي قيدي ..
خذي بِغَدي
لأختتم التشرّدَ بالإقامةِ
خلف بابكْ
جفناً تأبََّدَهُ الظلامُ
فجاءَ ينهلُ من شهابكْ …
وفماً توضأَ بالدُعاءِ
لعلَّ ثغركِ سوف يهتفُ لي
" هلا بكْ "
لا زالَ في البستانِِ متّسَعٌ لناركِ
فاحطبي شَجَري
عسى جمري يُذيبُ جليدَ ظَنّكِ
وارتيابِكْ
إني لَيُغنيني قليلُكِ عن كثيرِ الأُخرياتِ
فلا تلومي ظامئاً هَجَرَ النميرَ
وجاءَ يستجديكِ كأساً من سرابِكْ ..
فإذا سَقَطتُ
مُضَرّجاً بلظى اشتياقي
كفّنيني حينَ تأتلِقُ النجومُ
بثوبِ عرسٍٍ من ثيابِكْ …
واسْتَمْطري لي في صلاتِكِ
ماءَ مغفرةٍ
فَقَد كتم الفؤادُ السرَّ
لولا أنَّ شِعري
قد وشى بِكْ !
*****
الى الأديب العربي الكبير معالي الشيخ عبد العزيز التويجري :"مواصلة لحديث وصدى لبيان"
رويدَكِ … لا الملامُ ولا العِتابُ
يُعادُ بهِ - إذا سُكِبَ- الشرابُ
فليس بمُزهِرٍ صخراً نميـــــــرٌ
وليس بمُعشِب رملاً سَــــرابُ
عقدتُ على اليَبابِ طِماحَ صحني
فجادَ عليَّ بالسَغَبِ اليَبـــــــــابُ
وجيّــــشتُ الأمانيَ دونَ خطوٍ
فشَاخَ الدربُ واكتَهَل الإيابُ
ولمّا شكَّ بي جسدي وكادتْ
تُعيّرني المَباهجُ والرِّغابُ
عزمتُ على الحياةََ ورغّبتني
بها خُـــودٌ ودانيةٌ رِطابُ
صرختُ بها :أَلا يا نفسُ تبّاً …
أتالي العمرِ فاحِشةٌ وعابُ؟ (1)
وكنتُ خبرتُ- بِدءَ صِباً – جنوحاً
الى فـــــــــرحٍ نهايتـــــهُ اكتئابُ
وجرَّبتُ اللذاذةََ في كُؤوسٍ
تدورُ بها الغَـــــــوانيَ والكَعابُ
وأوتارٌ إذا عُزفتْ تناســـــــتْ
رزانتَها الأصابِــــــعُ والرقابُ
فما طَرَدَت همومَ الروحِ راحٌ
ولا روّى ظميءَ هوىً رُضابُ
حرَثتُ بأضلُعي بُستانَ طَيشٍ
تماهى فيهِ لي نفرٌ صحـــــابُ
فلم تنبتْ ســــوى أشجارِ وهمٍ
دواليها مُخادِعـــةٌ كـــــــــِذابُ
أفقتُ على صخورِ الحلمِ أقوتْ (2)
فمَمَلكَتي الندامَـــــةُ والخرابُ
وقَرَّبَ من متـــــاهَتهِ ضَياعٌ
وباعدَ من جنائِنـــــــــهِ مآبُ
وجئتُكِ مُستَميحاً عفــوَ قلبٍ
له في الحبِّ صدقٌ لا يُشابُ (3)
كفى عتَباً … فأن كثيـــر عُتبى
وطول مَلامَةٍ ظُفُرٌ ونــــــابُ
غريبٌ… والهوى مثلي غريبٌ
ورُبَّ هوىً بمغتَربٍ عقـــــابُ
كِلانا جائـــــــــعٌ والزادُ جمرٌ
كلانا ظاميءٌ والماءُ صابُ (4)
كِلانا فيهِ مــــــن حـــُزنٍ سهولٌ
وأوديةٌ … ومن ضَجَرٍ هِضابُ
صبرت على قـــذى الأيام ألوي
بها حيناً … وتلويـــني الصِعابُ
أُناطِحُ مُستَبــــــــدَّ الدهرِ حتى
تَهَشّمَ فوق صخرتـــــــهِ الشبابُ
رويدكِ …تسألينَ عن إصطخابٍ
بنهري بعدما نشَف الحَبـــــــــابُ ؟ (5)
وكيف نهضتُ من تابوتِ يأســــي
فؤاداً ليس يقربهُ ارتيــــــــــــــابُ ؟
وكيفَ أضأتُ بالآمـــــــالِ كهفاً
بمنفىً كانَ يجهَلُهُ الشــــــهابُ ؟
بلى.. كنتُ السحَابَ يــــزخُّ هَمّاً
وما لنخيلِ أحزاني حســـــــابُ
شُفيتُ فلم أعدْ ناعورَ دمــــــــعٍ
وهاأنا ذا ينابيـــــــــــــعٌ وغابُ
رويدكِ … ما لزهرائي إستحمّت
بنهرِ ظنونها وأنا الصـــــــــوابُ ؟
إذا شِئتِ الجوابَ فليس عنـــدي …
ولكن: في "المُجمّعةِ" الجوابُ (6)
سليها عن فتاهـــــــــا فهي أدرى …
سلي تُجِبِ اليراعـــــــــةُ والقِبابُ (7)
تخيّرهُ الوقارُ لـــــــهُ مثــــــــــالاً
وتاهتْ في رحابتهِ الرحـــــــــابُ
فتى التسعيـــــن…لا أغراهُ جاهٌ
ولا الحسبُ المُضيءُ … ولا اكتسابُ
تُنادمهُ الفيافي حيـــــــــــــن يغفو
وإذ يصحو يسامِرهُ السَحـــــــــابُ
كأنَّ لقلبِهِ عقلاً ..وقلبـــــــــــــــاً
لعَقلٍ فهو سَحٌ وانسيــــــــــــــابُ (8)
أحبَّ الناسَ ما قالوا "سلامـــــــاً"
وما ذهبوا لمكرمةٍ وآبــــــــــــوا
لهُ بـ " الأحمدينِ" رفاقُ دربٍ
هما منهُ السُلافةُ والرَبــــــــابُ (9)
قَصَدْنا حقلَهُ أربابَ حـــــــرفٍ
لهم بِظلالِ حكمتــــــــــهِ طِلابُ
طرقتُ البابَ مُنتظِراً جــــــواباً
فردَّ عليَّ- قَبلَ بنيـــــــهِ- بابُ (10)
دخلتُ فأسكَرَ الترحابُ خطوي
وقد ثمِلتْ من الطيبِ الثيـــــابُ
جلستُ اليهِ … في جفني ثبـــــاتٌ
وفي شَفَتي - من الذُهلِ - اضطرابُ
تَحَدَّثَ فالفصاحةُ في بيـــــــــــانٍ
تُوَشّيها معانيـــــــــــــــهِ الخِلابُ
وما خَطَبَ الحكيمُ بنا …ولكنْ
حِجاهُ لكلِّ ذي لبٍّ خطــــــــابُ
يرى أن الحضورَ بدارِ دُنيـــــا
بلا تقوى وطهُرِ هوىً غيــــابُ
وأنّ المرءَ مرعىً … والأماني
ظِباء…ٌ والمقاديرُ الذئـــــــابُ
وأنَّ الدُرَّ قيمتُهُ بعـــــــــــــــــــزمٍ
تلينُ لهُ العواصفُ والعُبـــــــــــابُ
وأذكرُ بعضَ ما قال انتصــــــاحاً:
" أخبزٌ دونَ جمرٍ يُستطـــــــــــابُ" ؟
وعلّلَ …فالعيونُ اليهِ تُصـــــــــغي
بدهشِتها… أجابَ وما أجابــــــــــوا
فتى التسعين… أكثرنا شبـــــــــاباً
وأفتى لو تسابقتِ اللبـــــــــــابُ
أبا الأبرارَ طبتَ لنا طبيـــــــــباً
وقنديلاً إذا دَجَتِ الشـــــــــــعابُ
وطبتَ مُنَقّباً فــــــــي أرضِ فكرٍ
عليها من غشاوتِها نِقــــــــــــابُ
ويا جبلَ الوقارِ أرى ذهولـــي
يُسائلني وقد شُدَّ الركـــــــــــابُ :
جلستُ إليــــــــــكَ يُثقلني ظلامٌ
وقمتُ وللسَـــــــنا بدمي انسيابُ
أعطرُكَ أم شميمُ عـــــرارِ نجدٍ
سرى بدمي فضاحَكني الشبابُ؟
*****
(1) تالي العمر: أواخره
(2) أقوت : هوت . اندرست
(3) لا يشاب: لا يشك به
(4) الصاب: نبت شديد المرارة
(5) الحباب: الفقاقيع التي تعلو الماء أو الراح
(6) المجمعة: من بلدان نجد حيث ولد الشيخ التويجري
(7) في البيت إشارة الى المدارس والمساجد التي بناها التويجري في المجمعة من ماله الخاص
(8) السح: المطر الشديد الذي يقشر وجه الأرض
(9) الأحمدان: هما الشاعران أحمد بن الحسين الجعفي الكوفي (المتنبي) وأحمد بن عبد الله التنوخي (ابو العلاء المعري) والمعروف عن الشيخ التويجري هيامه بهذين الشاعرين وحفظه لأغلب أشعارهما وله فيها دراسات نقدية وتأملية ومنها كتاباه القيمان(في أثر المتنبي بين اليمامة والدهناء) و( ابي العلاء ..ضجر الركب من عناء الطريق ) وغيرهما من كتبه
(10) من تقاليد الضيافة في دار التويجري ، أن ابناءهُ هم الذين يقومون بخدمة الضيوف ايغالا في الضيافة والكرم
في آخر العمرِ
اكتشفتُ أنني غَريرُ…
وأنني
يمكنني المسيرَ وسطَ النار
دون أن يطالَ بُردَتي السعيرُ…
في آخر العمر اكتشفتُ
أنني الزاهدُ..
والمسرفُ …
والصعلوكُ …
والأميرُ..
وأنني الحكيمُ.. والمجنونُ
واكتشفتُ أنَّ زورقي
أكبر من أنْ
تستطيعَ حملَهُ البحورُ…
وأنني يمكنُ أن تطيرَ بيْ وسادتي
الى فضاءٍ خارج الفضاءِ..
أن يرحل بي السريرُ
نحو حقولٍ
طينُها الياقوتُ والمرجانُ والحريرُ ..
وأنني نهرٌ خُرافيٌّ
إذا مرَّ على القفار قامت واحةٌ
وأعشبتْ صخورُ..
وأنني عصفورُ
فضاؤهُ قصيدةٌ مطلعُها عيناكِ
واكتشفتُ أنني بلا حبِّكِ يا حبيبتي
فقيرُ..
في آخر العمر اكتشفتُ
أنَّ كلَّ وردةٍ حديقةٌ كاملةٌ
وكل كوخٍ وطنٌ
وتحتَ كلِّ صخرةٍ غديرُ …
والناسَ – كلَّ الناسِِ- ما دمتِ معي
عشيرُ..
في آخرِ العمرِ اكتشفتُ
أنَّ قلباً دونما حبيبةٍ
مبخرةٌ ليسَ بها بخورُ …
في آخر العمر اكتشفتُ
أنَّ لي طفولة ضائعةٌ
جاءَ بها حبُّكِ
فاستعدْتُ ما أضاعهُ المنفى
وما خبّأهُ عن زمني الدَّيجورُ…
في آخر العمر اكتشفتُ
أنني سادِنُكِ الناسكُ .. والخفيرُ…
أركض في روضِكِ
أصطادُ الفراشاتِ التي
أثمَلها في ثَغركِ العبيرُ..
أحرس يا حبيبتي حمامتي صدركِ
حين تقربُ الصقورُ …
في آخر العمر اكتشفتُ
أنني طفلُكِ يا سيدتي الطفلةُ
طفلٌ عاشقٌ ..
دميتُهُ ربابةٌ ..
ملعبُهُ الحصيرُ..
فلا تلومي الطفلَ
حين يستفزُّ شَوكَهُ الحريرُ
*****
حين اختصرتُ بخيمةٍ وطناً
وغصنا بالخميلهْ
قدّمتُ أوراقَ اعتمادي للمنافي
ناطقاً
باسم الحدائقِِ والفراشاتِ
اقترحتُ على ظنوني
أن تُؤجلَ خوفَها ..
فحضَرتُ تتويجَ القرنفلِ
في بلاطِ الوردِ ..
قدَّمتُ التهانيَ للحمَامةِ
باسمِ نخلتنا القتيلهْ.ْ..
ونسجتُ من هدبي مناديلَ اللقاءِ
وحين عدتُ
رأيتُ "شمشون" الجديدَ
يبيع في حانوت شهوته ِ" دليلهْ "
ورأيتُ أسيادَ القبيلهْ
يتناطحونَ على ثيابِ ابي
وأرغفةِ الطفولهْ..
فحزمتُ ما أبقت ليَ الأيامُ
من "عفش" الكهولهْ
*****
قدّمتُ للعشقِ استقالةََ ريشةِ الأشواقِ
فاحتجَّ الورقْ…
قدّمتُ للبحرِ إستقالةَ زورقي
فاستنكرَ الطوفانُ
واحتجَّ الغرقْ …
وطلبتُ من دهري
إجازةَ ليلتين بلا قلقْ
فاحتجَّ فانوسُ الأرقْ …
وَرجوتُ أحزاني
تغادرُ شمسَ مُصطبحي
رَتَجْتُ ضُحايَ
فافتَرشَت ْ بساطَ المُغتبَقْ …
ورفعتُ للناعورِ
أمرَ حصانيَ المعصوبِ
فاحتجَّ الرهقْ …
وإذنْ ؟
سابقى ضارباً في الغربتين ِ
أفرُّ من نفقٍ
لأدخل في نفقْ
ما دام أنَّ صباحَ دجلةَ
يستغيثُ …
ولا ألقْ !
*****
ما عُدْتِ سراً … كلهم عرفوكِ
واكتشفوا التي شدَّتْ الى جسدِ الغريقِِ
صخرَ الهوى
في موجِ مُزْبِدِكِ العميقِ
فدعي احترازِكِ من رعودِ صبابتي
ومن احتمالِ تمددِ النيرانِِ ينشرُها حريقي
فلقدْ خُلقتُ سحابةً
حبلى بأمطار البروقِِ
ما عدتِ سراً … فاستفيقي ..
هم يبصرونَكِ في عيوني غيمةً خضراءَ..
في شفتيَّ قافيةً …
ونبضاً في عروقي !
هم يسمعونَكِ في صدى صمتي ذهولاً..
واصطخاباً تحت موجِ سَكينتي ..
وهديلَ فاختةٍ على شَجَري ..
وشمساً في طريقي !
ويرونَ أنكِ آخر الأخبارِ
في كتبِ الهوى…
وأنا؟
اراني فيكِ زنبقةً مُقيّدةَ الرحيقِِ !
وقصيدةً مذبوحةً
نَزَفَتْ بخورَ العشق ِ
في أجواءِ مكتبكِ الأنيق ِ..
وربابةٌ خرساءَ – للذكرى- مُحنّطةَ الرنينِ
وقصَّةً شرقيّةً
عن آخر العشاق ِ في عصرِ الرقيق ِ !
ما عدت سراً ..
أنهم يتساءلون الآن عن سرِّ المشوق ِ
*****
من حقِ شمسِكِ أنْ تُبكّرَ بالغروبِ
وأن تماطلَ بالشروق ِ..
من حقّ صدركِ أن يُصعّرَ دفئَهُ
إن جئتُ ألتمسَ الملاذَ
إذا عوى ذئبُ الشتاءِ
مُكشّراً عن بردِهِ
فأتيتُ مرتجفَ العروقِ..
من حق وردكِ
أن يسدَّ أمام نحلِِ فمي
شبابيكَ الرحيقِ ..
من حقِّ نهرِكِ أن يمُرَّ
بغير بستاني …
وحقكِ أن تصدي عن حرير الخصرِ
شوكَ يدي …
وعن ياقوتِ جيدكِ
طينَ عاطفتي ..
وعن فمِكِ الوريقِِ
جمري …. ولكنْ
ما حقوقي ؟
*****
سيدة النساءِ يا مسرفةَ الدلالِ
لا تأخذي بما يقول عاشقٌ
في لحظةِ انفعالِ…
قلبي – وإن خذلتِهِ – لمّا يزلْ
طفلا بريء القوس والنبالِ
لستُ الذي يمكن أنْ ينتهرَ النهرَ
وأنْ يغضبَ منْ تشبّثِ الجبالِ …
هل يزعلُ العصفورُ من سماحةِ البيدر ؟
والزهرُ من الربيعِ؟
والنسرُ من الأعالي ؟
لا تأخذي بما يقولُ عاشقٌ
أغضبَهُ أنَ التي هامَ بها
عصيَّةُ الوصالِ …
يحدث أن أشيّدَ في خيالي
منارةً فرعاءَ مثلَ جيدكِ النائمِ
خلف برقعٍ وشالِِ
يحدثُ أن أجعل من عينيك ِ
قنديلينِ في معتكفِ ابتهالي
يحدث أن أزرعَ في خيالي
حديقةً فوق سهولِ الخصرِ يا حبيبتي
يحيطها بستان برتقال ِ …
يحدث أن أنسجَ في خيالي
ثوباً من العشبِ ..
ومنديلاً من الهدبِ …
وشالاً مزهراً من ورقِ الدوالي ..
يحدث أن أجعل من يديكِ في خيالي
سوراً
يقيني من ذئاب وحشةَ الليالي
يحدثُ أن اسوقَ نحو بيتكِ
النّوقَ العصافيريّةَ … الغزلانَ ..
والهوادجَ التي تئنُّ تحتها جمالي …
يحدث أن تسافري يومين عني
فأحطمُ الكؤوسَ كلّها
وأعلن الإضراب عن كتابة الشعرِ
وعزف العودِ
والجلوسِ في حديقتي الوارفة الظلالِ …
يحدثُ أن تزفّكِ البحارُ لي
حوريّةً يرمي بها الموجُ الى رمالي …
يحدثُ في خيالي
أن تزعلي مني لأني لم اقبلكِ مساءً
غير ألفِ قبلةٍ …
يحدث أن أكتبَ في خيالي
قصيدةً
تعجزُ أوراقي وأبجديتي عن نقلها
من مرجلِ اشتعالي …
يحدث أن يُجلسَني خيالي
عرشَ المنى
يجلس عن يمينيَ الأطفالُ والطيورُ
والملوكُ عن شمالي
وكلما صَفَقتُ كفي
يقف الماردُ ما بين يدي
مُلبياً سؤالي …
يحدثُ في خيالي
أن أهزمَ الطُغاة والعتاة والأباطرهْ
وكلَّ ما في الأرضِ من جبابرهْْ
يحدث أن أطهّرَ الحقول من كلِّ الجرادِ البشري
في بساتين الفراتين
وفي "الجليل"… "يافا" … ورياض " الناصره" ..
وأُسرجَ الخضرةَ في القفار ِ
حتى تستحيلَ جنّةً أرضيّةً
ضاحكةَ السِلالِِ ..
يحدث أن أقيمَ جسرَ الودِّ
بين الشاةِ والذئب ِ
وبين الصقرِ والعصفورِ
بين الضبْعِ والغزالِِ
يحدث في خيالي
أن الطواويسَ التي تسلقتْ سقيفةَ النضالِ
تخرج من كهفِ التنازلاتِ
نحو شُرفةِ النزالِ ؟!
يحدثُ أن أموتَ في خيالي
لكي أرى دمعكِ
حين يحفرُ الرفاقُ لي
حفيرةَ الزوالِِ…
يحدثُ أن أفيقَ من خيالي
على صياحِ ديكِ جوعي
وصدى سُعالي
أو
عَطَشي لمائكِ الزلال ِ
يحدثُ في خيالي
أنْ أستحي منّي لأني قد أضعتُ العمرَ
في بريّةِ الخيالِ !
*****
سيدة النساء يا مسرفةَ الظنونِِ
سيدة النساءْ
بين ضفافِ الأرضِِ والسماءِ
جسرٌ من اليقينْ …
وبيننا نهران من ضحكٍ
ومن بكاءْ
وحقل ياسمينْ
تشكو سواقيهِ احتراقَ الماءْ
*****
أما لبعيدِ هودَجِــــــــــــــكم قدومُ ؟
يتيمٌ بَعدكم قلبي … يتيــــــــــــــمُ
تقادَمَتِ الوعودُ ولا لقـــــــــــــاءٌ
يُنادم ُ فيه معموداً نديــــــــــــمُ
وغادرنا الربيعُ فلا هَــــــــــزارٌ
شدا بضحىً .. ولا نضجتْ كرومُ
فأنْجدْنا… ولكن لا "عَـــــــرارٌ"
أفاءَ لنا … ولا نَفَحَ "الشَّميمُ" (1)
طرقنا بابكم سبعاً… فألقــــــى
علينا شوكَ وحشتهِ الرَّنيــــــــمُ
أعدْنا طرقنا … فأجابَ صمتٌ :
لقد رحلوا… فَشَيَّعنا الوجــــومُ
وكدنا نسألُ الجيرانَ لـــــــــولا
حَياءُ "السينِ" حين يظنُّ " جيمُ"
وقفنا بُرهةً فتنـــــــــــــازعتنا
" ثَرَمداءٌ" و"أبلجَ " و" القصيمُ" (2)
تشابكتِ الدروبُ على غريبٍ
كما يتشابك الليـــــــــــــلُ البهيمُ
فيا أحبابنا هل من جديـــــــــــدٍ
يعانقُ صحوَهُ حلمٌ قديــــــــــــمُ
ويا أحبابنا ما طــــــــــــــــولُ عمرٍ
لنفسٍ لا تُرامُ ولا تـــــــــــــــــَرومُ ؟
ويا أحبابنـــــــــــــــا هل كان يذكو
بغير حريقهِ الرّنــــــــــدُ السليمُ؟ (3)
تمكَّنتِ الصَبابةُ من صبــــــــــورٍ
على ما ليس تحملهُ الجســـــــــومُ
فأضحى يستغيثُ بطيـــــفِ جفنٍ
وقد مَطَلَتهُ فاتنــــــــــــةٌ ظَلومُ (4)
رأى فيها بـ"بندَةَ" خلفَ ستـــــرٍ
صبــــاحاً تحتَ داجيـــــــــــةٍ يُقيمُ(5)
تَبَعثـــــــرَ جمعُهُ … واحتارَ قلبٌ
وغادرَ ثغرَهُ الصوتُ الرخيــــــــمُ
وكاد يشدُّ عن وجـــــــــــهٍ " نقاباً "
ليشرقَ مُشمِساً صبحٌ كريــــــمُ
فـ" بَنْدَةَُ" حيـــــــــــن قابلها نعيمٌ
و"بَنْدةُ" حيـــــــــن فارقها جحيمُ
وعاتبني فمي : أيجـــــوزُ قتلي
على عطشٍ .. وفي عيدٍ أصومُ؟
فدعْني أستقي من نبـــــــع شهْدٍ
ليَعسُلَ في دمي صابٌ صميــمُ(6)
وكدتُ أقول : لا نُسكاً ولكــــــنْ
مخافةَ أنْ يُقال فمٌ ذَميــــــــــــــمُ
وخشيةَ أن تعيشَ فمــــــاً طريداً
كـ" آدمَ" حين أغواهُ الرَجْيـــــــمُ
ويا أحبابَنا لو كانَ يُجـــــــــــدي
عتابٌ لانبرى قلبٌ هضيـــــــمُ
تَحَصَّنَ بالجنـــــونِ لدرءِ نصحٍ
يقولُ بهِ المُجرّبُ والحكيــــــــمُ
يغصُّ يراعُهُ لو خطَّ ســــــطراً
لغيركُمُ ويجفوه النعيـــــــــــــمُ
أتُغْني الطيرَ عن غُصنٍ نقوشٌ
لتغنينا عن الوصلِِ " الرسومُ"؟
فجائِعنا ولُوداتٌ … وأمّــــــا
مسرتُنا فغانيــــــــــــــــةٌ عقيمُ
إذا اصطبحَ الفؤادُ بكأس سعدٍ
فقد زخّتْ بمغتبقٍ همـــــــــومُ
أخافُ عليَّ مني … إنّ قلبي
غريمي في السَكينةِ والخصيمُ
تَهَيّمَكم ويعلمُ أنّ عشــــــــقاً
عصيُّ الوصلِِ "مرتعُهُ وخيمُ"
وأقنعني "ابن غدرةَ" أن حُبّاً (8)
بلا جمر الصبابةِ لا يـــــــدومُ
فصحتُ بهِ : ألا يا جمرُ زدْ بي
حريقكَ واستبــــــــــدي يا كُلومُ
أذودُ عن الهوى بنزيــــفِ روحٍ
يُناصبُ وردَها شوكٌ أثيــــــــــمُ
وقلّدني عصا الترحالِِ رمــــلٌ
له عشقانِِ: طهرُ هوىً و"ريمُ"
فيا أحبــــــــابَ باقي العمرِ هلاّ
تُضاحِكُ ليلَنا منكم نجــــــــــومُ
أقيلوا عثرةَ الأمــــــــــــواجِ ألقتْ
بنا عنكم فمجدافي هشيــــــــــــــمُ
*****
(1) انجدنا: اتجهنا صوب نجد . وفي البيت اشارة الى البيت الشهير :
تمتع من شميم عرار نجد فما بعد العشية من عرار
(2) ثرمداء، أملج ، القصيم : من مدن المملكة العربية السعودية
(3) الرند: نبات طيب الرائحة ، تفوح رائحته عند حرقه
(4) المطل: التسويف بالوعد ، عدم الوفاء بالعهد
(5) بندة: من الأسواق الشهيرة في الرياض
(6) الصاب : نبت شديد المرارة. الصميم : الخالص والمحض من كل شيء
(7) تهيمكم : اصابه الهيام بكم
(8) ابن عذرة: المقصود به قيس بن الملوح
الى أخي الأديب الأستاذ عبد المقصود خوجة
تذكرتُ ما قلتَ يوم الرحيلْ
" اليكَ عن الوهمِ … ما الفائدهْْ
من الأمّةِ الواحدهْْ
لساناً…
وأمّا الخطى ؟
فاختلافُ السبيلْ "
*****
كأني أطالب بالمستحيلْ :
دروبٌ معبّدَةٌ بالأمانِ …
رغيفٌ على سعةِ الصحنِ …
صحنٌ على سعةِ المائدهْ
ونخلٌ تفيءُ الطيورُ اليهِ …
يكفُّ الرصاصُ المُخاتِلُ عند المساءِ …
وحبٌّ يُطّهرُ أفئدةً حاقدهْ …
وأنْ لا يؤول العراقُ
الى زمرةٍ فاسدهْ
………………..
…………………
كأني أُطالبُ بالمستحيلْ :
يغادرنا القادمون على " السُرفاتْ"
يعود المزارعُ للحقلِِ…
والطفل للدفترِ المدرسيّ …
تعودُ الحياة ْ
طبيعية مثل طين الفراتْ
وأن لا يعود العراقُ
سرير الطواغيتِ
أو
ساحةً لخيول الغزاةْ
………….
………… .
كأني أشذُّ عن القاعدهْ
فأحلمُ بالمستحيلْ :
يضيءُ الحبورُ البيوتَ
ويغدو النخيلْ
مآذنَ مُشرعةً للهديلْ
……………….
……………….
تذكرتُ …
مَنْ لي بنبضٍ
يعيدُ الرفيفََ لهذا الزمانِ القتيلْ؟
أين ستهربينَ من حبي؟
تمنَّعي عليَّ …
أطعمي اللهيبَ كلَّ ما بعثتهُ اليكِ
من شعرٍ..
وما رسمْتُهُ بريشةِ الصَبِّ ..
وسافري حيثُ تشائينَ
بعيداً عن تضاريسي
وعن رَكبي ..
لا بدَّ في نهاية المطافِ أن تكتشفي
أنكِ تمشينَ على دربي !
إنَّ الدروبَ كلّها
تُفضي الى قلبي !
*****
سيدةِ النساءِ يا مسرفةَ الرعبِ
لا تَذْعَري إذا سمعتِ مرَّةً
بعد انتصافِ الليلِ صوتاً
يُشبهُ النقرَ على الشباكِ
أو هَسْهَسْةَ العُشبِ (*)
لا تذعري ..
يحدثُ أحياناً إذا حاصرني الوجدُ
وألقى جمرةَ السُهادِ في هُدْبي
يهمسُ لي قلبي:
قمْ بيْ لأطْمَئنَّ أن زهرةَ الريحانِ
في سريرها الرَحبِ
تغفو على وسادةٍ من أَرَقي …
قمْ بي !
*****
(*) الهسهسة: الصوت الخافت كصوت حركة الحلي وما شابه ذلك
أمسِِ
توسَّدتُ يدي
على سريرٍ من رمالِ البحرِ
كان الليلُ موحِشاً يفيضُ عُتمَةً
وبارداً
برودةِ الصدودِ… فانزويتُ ..
داخلَ ذاتي
دثّرتْني غيمةٌ – أظنها شَعركِ
ثمَّ حينما هَدْهَدَني ثغرُكِ في تَرنيمةٍ
غفوتُ …
طفلاً لهُ خلفَ المدى
حديقةٌ وبيتُ …
ألا تفسّرينَ ما رأيتُ ؟
رأيتُ عصفورين مذبوحينِِ
تحتَ شرفةٍ خضراءَ كالعشبِ
يسيلانِِ ندىً …وضوءاً ..
ونخلةً فارعةً
تنثرُ للأطفالِ تمراً ناضجاً
وفيئاً …
وعندما اقتربتُ
سقطتُ من فوقَ سريرِ الحلمِ
فانكسرتُ …
قارورةً
خبّأَ وردُ العشقِ فيها دمعَهُ ..
حاولتُ أن اصرخَ
لكنْ
جفَّ في حنجرتي النبضُ
فَلمْلَمْتُ بقايا جسدي …
وقمتُ …
وقبلَ أن أُخضّبَ الجيدَ بحناءِ دمي
أَ فقتُ …
ألا تفسرينَ ما رأيتُ ؟
*****
إلى أخي الشاعر أحمد الصالح : صدىً لقصيدته " المغرّبِ المشرّق" المنشورة في المجلة الثقافية العدد (102) بتاريخ 18/4/2005م
داويتُ جُرحي والزمـــــــانُ طبيبُ
بالصبرِ أطحنُ صَخرَهُ وأُذيــــــــبُ
لا أدّعي جَلَداً ..ولكــــــــــنْ للهوى
حُكُمٌ يُطاعُ بشرعِهِ المحبــــــــــوبُ
أسلَمتُهُ أمــــــــــــــري وأعلَمُ أنني
حطَبٌ .. وأما دربُـــــــــهُ فلَهيبُ
أحببتُهُ حتْمــــــاً علــــــــــيَّ لأنهُ
كُلّي : صِباً وطفولةً ومَشيــــــــبُ
جرَّبتُ أن لا أستجيب فعابنـــــــــي
شَرفي .. وهَدّدَ بالخِصامِ نســــيبُ
هو من غصوني المورقاتِ جذورُها
هل للغصونِ من الجذورِ هروبُ ؟
حيناً يُنيبُ ضُحايَ عن دَيجــــورِهِ
غمّاً وحيناً عن ضُحاهُ أنــــــــوبُ
عاندْتهُ يوماً فعانَدَ مِعزَفـــــــــــي
لحْني وجفَّ على فمي التطْريبُ
ورأيتُ أن العاشقينَ تعاضدوا
ضدي وقالت بالجفاءِ عَـــــروبُ
كُتِبَ الوفاءُ عليَّ دونَ إرادتـــــــــي
فاللوحُ قبلَ ولادتي مكتــــــــــــــوبُ !
قدْ ثاب لو أنَّ الجنونَ يثـــــــــــوبُ
وأجابَ لو أنَّ القتيلُ يُجيـــــــــــــبُ
صبٌّ ولا كالآخرينَ: ضلــــــــوعُهُ
نخلٌ ..وأما قلبُـــــــهُ فشــــــــــعوبُ
قدْ كان أقسمَ أن يموتَ على هوىً
وإن استخفَّ بعشقهِ المحبـــــــــوبُ
ضاقتْ بهِ – قبل الديـــارِ- هواجسٌ
وتَقاذَفَتْهُ ملاجــــــــــــيءٌ ودروبُ
ما أنْ يُكحّلَ بالشروقِ جفــــــــونَهُ
حتى يخيطُ المقلتيــــــــــنِ غروبُ
يمشي بهِ الوَجَعُ المُذِلُّ ويرتــــعي
دمَهُ اشتياقٌ أنْ يُطِلَّ حبيـــــــــبُ
تلهو بزورقهِ الرياحُ وتَستبـــــــي
أيامَهُ أنّى أقـــــــــــامَ خطــــوبُ
"ليلاهُ" في حضنِ الغُزاةِ سبيـــئَـةٌ
أما العشيرُ فسيفُهُ معضــــــــوبُ (1)
أجَل .. البلادُ نجيبةٌ يا صاحبـــــي
والنخلُ والنهرُ الجريحُ نجيـــــــــبُ
لكنَّ بعضَ "رؤوسِنا" يا صاحبــــــي
جُبِلتْ على فَسَدٍ فليسَ تثـــــــــــــوبُ
غرسوا بنا سُلَّ الشـــــــــقـــاقِ فلَيْلُنا
مُتَأبِدٌ … وصباحُنا مَعصــــــــــوبُ
بتْنا لفأسِ الطائفيــــــــــــــةِ مَحطباً
فلكلِّ حقلٍ "سادنٌ" و"نقيــــــــــبُ"
عِللُ العراقِ كثيرةٌ … وأضـــــرُّها
أنَّ الجهادَ "الذبـــــــحُ" و"التسليبُ" (2)
وطنٌ ولكنْ للفجيــــــــعةِ … ماؤهُ
قيحٌ… وأمّا خبزُهُ فنَحيــــــــــــــــبُ
مسلولةٌ أنهــــــــــــــــارُهُ … ومَهيضَةٌ
أطيارُهُ … ونخيـــــــــــــلهُ مصلوبُ
" قومي هموُ قتلوا أُميمَ أخـــــــي" ولا(3)
ذنبٌ سوى أنَّ القتيـــــــــــــــلَ قريبُ
أُكذوبةٌ تحريرنا يا صاحبــــــــــــــــي
والشاهدان: الظلمُ والتعذيـــــــــــــــبُ
أُكذوبةٌ حرّية الإنســـــــــــــــــانِ في
وطنٍ يسوسُ بهِ الجميعَ "غريـــــبُ"
مُدُنٌ تُبادُ بزعمِ أنّ "مُخــــــــــــرّباً"
فيها … وطبع " محرري" التخريبُ (4)
وحشيّةٌ تندى لقســـــــــــــــــوةِ نابِها
خَجَلاً ضباعُ قفارِهِ والذيــــــــــــــبُ
أكذوبةٌ أن يستحيـــــــــــــــلَ غزالةً
ذئبٌ … وحقلاً للأمانِ حــــــروبُ
مالي أبثّكَ يا نديــــــــــــــمَ قريحتي
شجَني وفيكَ من الهُمومِ سُــــهُوبُ ؟
هل نحن إلا أمةٌ مغلوبــــــــــــــــةٌ
رأتِ المَشورةَ ما يقــــــولُ مُريبُ ؟
ما نفعُ توحيدِ اللســـــــــــــانِ لأمةٍ
إنْ لمْ تُوحّـــــــــــــدْ أذْرعٌ وقلوبُ ؟
هي أمةٌ أعداؤها منـــــــــــــها ... متى
طارَ الجناحُ وبعضُهُ معطـــــــــوبُ ؟
من أين يأتينا الأمانُ و "بعضنـــــــــــا "
لِعدوّنا والطامعينَ ربيــــــــــــــــــبُ ؟
ومُدَجّجٍ بالحقدِ ينْخـــــــــــــــــرُ قلبهُ
ضَغَنٌ إذا قادَ الجموعَ لبيـــــــــــبُ (5)
حازَ العيوبَ جميعها فكــــــــــأنه
مأوىً رأتْ فيهِ الكمالَ عيــــــــوبُ
أعمى البصيرةِ فيهِ من خُيلائِـــــــهِ
مسٌ ومن صدأ الظنونِ رسيـــــبُ
إنْ قامَ يخطبُ فهو "عنترةُ" الفتــى
و" الحارسُ القوميُّ" و "الرعبــوبُ"
أمّا إذا شَهَرَ الحســـــــــــــامَ عدوَُهُ
عندَ النزالِ فإنهُ "شيبـــــــــــــوبُ" !
وهو "الأديب الفيلسوف " وفكرُهُ
فلسٌ بسوقِ حماقةٍ مضـــــــــروبُ
هل نحن إلا أمـــــــــــــــةٌ مغلوبةٌ
فإلى مَ يشكو العاشقُ المغلـــوبُ ؟
لا بدّ من غَرَقِ السفينِ إذا انبـــرى
لقيادها " المنبوذُ" و" المجــــذوبُ" (6)
يا "صالحاً" في الدنييــــــــنِ أرحمةٌ
هذا الهوى ؟ أم لعنةٌ وذنــــــــــوبُ ؟
أجفو نعيمَ المارقيـــــــــنَ وإنْ سعى
لي منهُ صحنٌ بالقطــــــافِ خضيبُ
لو كنتُ خبّاً لأغترفـــــــــــتُ وإنّما
كفّي – كقلبي- زاهدٌ وقشيــــــــــبُ (7)
باقٍ على هذا الهوى ولــــو انـّـــــــه
سببٌ بهِ عاشَ الشــــــــــقاءَ تَروبُ (8)
ثلثا دمي ماءُ الفــــــــــــــــراتِ وثلثُهُ
طينٌ بدمعِ المتعبيــــــــــــــنَ مَذوبُ
شكراً تقي العشقِ باسم صبـــــــابتي
" والشكرُ موصولٌ بهِ الترحيـــــبُ"
*****
(1) المعضوب : من لا ناصر له . ومن معانيه الضعيف
(2) إشارة الى الجرائم التي شوهت الوجه الناصع للمقاومة الوطنية المشروعة
(3) تضمين من البيت الشهير
قومي همو قتلوا أميم أخي
فأذا رميت اصابني سهمي
البيت اشارة الى جريمة احتلال الكويت من قبل صدام
(4)إشارة الى جريمة دك المدن العراقية بساكنيها والتي تقوم بها قوات الأحتلال تحت ذريعة البحث عن بعض الأرهابيين
(5)في البيت وما بعده إشارة الى زعيم عربي مفرط النرجسية وضع خطة ارهابية لأغتيال قائد عربي كان قد جند نفسه لخدمة الأمتين العربية والأسلامية .
(6) كثيرا ما تكون بعض القيادات العربية السبب الجوهري لدمار شعوبها وأحتلال أوطانها ولعل النظام العراقي السابق خير مثال
(7) الخب : المخادع ، المراوغ ، الأنتهازي
(8) ما بين الأقواس تضمين من قصيدة الشاعر أحمد الصالح
( الى الشاعرة الروائية الأسترالية إيفا ساليز الشاهرة سيف يراعها بوجه الظلم والضغينة ذودا عن المحبة وجمال الحق في كل مكان )
عاريةٌ إلا من الحبِ
ومن مَلاءَةِ اليقين ْ
سَلّتْ على ليلِ الطواغيت
حسامَ صُبحِها …
ذائدةً عن شرفِ الأنهارِ في عالمنا
وعن عفافِ الطين ْ
باسم العصافير التي
أعلنتْ الحربَ على الصيّادِ
والسِكّينْ
*****
حين يكون الكأسُ فارغاً
وحين يفرغُ البستانُ من ظلالِهِ
وتفرغُ الساعةُ من قهقهةِ الثواني …
وحين تخلو روضةُ السطورِ
من زنابقِ المعاني :
أملأُها بكوثر الأماني
وبالتسابيحِ التي
تفيضُ من قلبي على لساني
*****
بنيتُ في خيالي
مِئذنةًً ….
وملعباً طفلاً ..
وطرّزتُ الصحارى بالينابيعِ التي تجولُ
في غاباتِ برتقالِِ …
وعندما غفوتُ تحتَ شُرفةِ ابتهالي
شعرتُ أن خيمتي حديقةٌ
وأنني سحابةٌ
تزخُّ في بريّةِ الوحشةِ
أمطاراً من الظِلالِ
*****
رسمتُ بالإشارهْ
أُرجوحةً …
نَسَجْتُ للكوّةِ في الجدارِ
من هُدبِ المُنى ستارهْ
وقبلَ أن أنامَ في كوخي على وسادةٍ حجارهْ
دوّنتُ في دفترِ عمري هذه العبارهْ :
كلُّ أمريءٍ
يمكنهُ أن يعقدَ الألفةَ
بين الماءِ والنار ِ
وأن يصنعَ من دَيجورِهِ نهارَهْ
*****
(1)
إصرار
أعرفُ أنَّ النهرَ ظاميءٌ
وأن الجفنَ يشكو وحشةَ القِفارْ
لكنني
سأحرثُ الحقلَ
فقد تقودُ لي الرياحُ يوماً
موكبَ الأمطارْ
فالدهرُ قد يُصلحُ
ما أفسدهُ العطارْ
والقادةُ اللصوصُ …
والأئمةُ التجّارْ !
*****
(2)
خُسر
الوطنُ استراحَ مني ..
وأنا استرحتُ …
لأنني
منذ تمَرَّدتُ عليهِ
متُّ !
*****
(3)
سؤال
أغربُ ما قرأتُ في مدافن الأمواتْ
شاهدةٌ خُطَّ عليها :
أيها الأحياءُ في المدائنِ السُباتْ
أما مللتمْ لُعبةَ الحياةْ ؟
*****
(4)
نضوب
من حسن حظي
أنني استبدلتُ بالوطنِِ المدينةَ …
بالمدينةِ منزلاً ..
بالمنزل الطيني ركناً من بقيّةِ حجرةٍ …
بالحجرةِ الشباكَ
أفتحهُ على نهرٍ بلا ماءٍ
وبستانٍ بلا شجرٍ
وأرصفةٍ خرابْ ….
وإذنْ ؟
فما خُسري إذا احتبسَ السرابْ
مطراً كذوباً عنْ مفازاتٍ يَبابْ ؟
(5)
مثلث السلطة
السّوطُ والدولارْ
ضلعانِ في مثلّثِ السُّلطةِ
أما ثالثُ الأضلاعِ
فالأئمّةُ التجارْ !
*****
(6)
صخرة السر
تَعِبتُ يا " تُفّاحتي المُحرّمهْ "
من صخرةِ السرِّ التي أحملها …
فكلّما حاولتُ أن أُنزلها عن كاهلي
في " كلمهْ"
يحاذر القلبُ دَمَهْ
خُشيةَ أن يطردني قلبكِ
من جنّتِهِ
فيفتحُ العذابَ ليْ
جَهَنّمَهْ
*****
(7)
غثيان
ما الذي يحرسهُ الناطورُ
والدارُ خرابْ ؟
جرحُنا يمتَدُّ من شُرفةِ " أيلولَ"
الى سردابِ " آبْ"
……………..
………………
السَحابْ
لم يعُدْ يبكي فيشدو
طائرُ العُشبِ على غصن ِ اليَبابْ
والذُبابْ
صارَ في بستاننا
أكبرَ من حجمِ الذِئابْ ؟!
*****
هَيّأتُ من زمــــــــــــنٍ وقودي
للظاكِ من رَنـْـــــــــــــــدٍ وَ عودِ (1)
لستُ البخيــــــــــــــلَ وإنْ رثى
جمرُ الضنى بستــــــــانَ جودي
ثرٌّ وما ملكتْ يـــــــــــــــــــداي
سوى جُفاءٍ مـــــــــــــــن حصيدِ (2)
تَرَكَ الزمـــــــــــــــانُ بمفرقي
زَبَدَ السِنين .. وفوقَ فـــــُودي (3)
ما للسنيــــــــــــــــــــن تَمُرُّ بي
ثَكلى بميــــــــلادٍ وعيـــــــــــدِ ؟
فإذا شـــــــدوتُ وَجــــــــــدْتُني
مُدمى الحشاشةِ في نشيــــــدي
وإذا اصطبحتُ فمن صـــــدىً
وإذا اغتبقتُ فمن وعـــــــــودِ
عجباً عليَّ ! بَـــــــــــرَدْتُ في
جمري .. وأحرقني جليــدي
أفكلما كتَمَ الفـــــــــــــؤادُ الـ
سرَّ يفضحهُ قصيـــــــــــدي ؟
عريان الا من ثيـــــــــابِ الـ
شوكِ بستانُ الشــــــــــــــريدِ
فلتستريهِ ببُــــــــــــــــرْدَةٍ
من عُشبِ واحتِكِ النضيـــدِ
عَهَدتْ اليـــــــــكِ بضوئها
مُقلي … فصونـــاً للعهودِ
دربي اليـــــكِ مُعَبــــــــــَّدٌ
لكنْ بأحجارِ الصــــــــدودِ
وبداجيـــــــاتٍ لم تُنـــَـــرْ
الا ببرقٍ من رعــــــــــودِ
فإذا مشيــــــــــــتُ فرِحلَةٌ
أخرى الى منفىً جديــــــدِ
وإذا وقفتُ فقـــــــــــدْ غدا
من دونما معنى وجودي
سيفانِ .. أيهما سأتـــركُ
تحت شفرتِهِ وريــــدي ؟ (4)
وحزمتُ أمتعةََ الطريقِ:
حُطامُ مغتربٍ وَقيـــــدِ (5)
ما نفعُ سيفِ " ابن الوليد" ؟
بغيرِ حزمِ " ابن الوليــدِ "
دعني .. متى منع المَلامُ
رحيلَ بحّارٍ عنيــــــــــدِ ؟
الأرضُ ضيّقةٌ فأيـــــــــــــنَ
أفرُّ من عَسَفِ القيـــــــــــودِ ؟
وطَّنتُ قلبي في هــــــــــــواهُ
مهاجراً عن كلِّ غيــــــــــــدِ
مُترقباً عسلَ الوعـــــــــــــودِ
فَصبَّ لي صابَ الوعيـــــــدِ
قلبي أنا وطـــــــــنُ الهوى
ووجوهُ أحبابي حـــــدودي
لستُ المُعنّى بالعيــــــــــــو
ن الضاحكــــــــاتِ وبالنهودِ
ومباسمٍ ضَجَّ العبيــــــــــــــرُ
بها وفاضَ على الخـــــــدودِ
ونعاسِ جفــــــــــــــنٍ يستفزُّ الـ
صحوَ في أوتار عـــــــــودي
وسوادِ ليلِ المقلتيــــــــــــــنِ
وهدبِها وبياضِ جيـــــــــــدِ
لكنهُ حتْمُ المَشـــــــــــــــوقِ
لوصلِ فاتنةٍ نَجــــــــــــــودِ (6)
وسناءِ قنديل ِ الوفــــــــــاءِ
يضيءُ في زمنِ الجحــودِ
أنا والهوى ضفتـــــــــانِ من
نهرٍ يضاحِكُ رملَ بيـــــــــدِ
كنتُ القريبَ ومـــــا وصلتِ
فكيفَ وصلُكِ للبعيــــــــــدِ ؟
*****
(1) الرند: نبت طيب الرائحة ، كذلك العود
(2) جفاء: ما يلقيه السيل من الجانبين والذي لا نفع فيه
(3) الفود: جانب الرأس الذي يلي الأذنين
(4) الشفرة: حد السيف
(5) الوقيد: المشتعل
(6) نجود: المرأة العاقلة الكريمة الأصل
حين تكونينَ معي
يبردُ جمرُ الـ " آهْ "
ويفرشُ الربيعُ لي
سَريرَهُ …
فينثر الوردُ على وسادتي
شذاهْ …
وتنسجُ الضِفافُ ليْ
ثوباً من المياهْ …
ومن حريرِ عُشبِها
ملاءةً …
ويظفرُ الصباحُ لي ضُحاهْ
أرجوحةً …
والليلُ يأتي ضاحكاً دُجاهْ …
فيجلس الطيرُ الى مائدتي
مُنادِماً هوادِجَ الغناءِ
في قوافل الشفاهْ !
*****
حين تكونين معي
يهربُ من فصولنا الخريفُ
ترتدي رُبى الروحِ المواويلَ
يُقيمُ العشقُ مهرجانهُ
فكلِّ صبٍّ يلتقي نجواهْ …
يُطلُّ " قيسٌ " راكباً جوادهُ
وخلفهُ " ليلاهْ "
و "عروةُ بن الوردِ " يأتي
راكباً سحابةً تقودها " عفراءُ " ..
و " الضلّيلُ " يأتي شاهراً منديلهُ .. (*)
و"العامريُّ " يلتقي " بثينةً "
ويلتقي رُباهْ
" صبُّ الفراتين " الذي شَيَّعَ في منفاهْ
طفولةَ النخلِ
وشيَّعَ الهوى صِباهْ
*****
حين تكونين معي
يسيلُ من ربابتي اللحنُ
ومن حنجرتي الأشعارْ …
يُزغْرِدُ الدربُ لوقعِ خَطْونا
وترقصُ الأشجارْ
حين تكونين معي
تفيقُ من سُباتها الأمطارْ
وتكشفُ الصدورُ عن اسرارِها …
وتعشبُ الأحجارْ …
حين تكونين معي
تُخرِجُ لي لؤلؤها البحارْ
وتصبحُ الضِحكةُ فانوساً
يُضيءُ الدارْ
*****
(*) الضليل: هو أمرؤ القيس
والعامري : هو جميل بن عبد الله بن معمر ، عاشق بثينة
تحتالُ " ماريا" على ضجري
فتبْتكرُ الوسيلةَ للتجوّل
في ظلامِ الغابةِ الحجريةِ الأشجارِ
يحدثُ أن تشاكسني
فتغمزُ من ظِلالِ " الواحةِ الزهراءَ" …
أحياناً تُسميني الحصانَ البابليَّ
وقد تُسميني سليلَ الحالمينَ بجنّةٍ خضراءَ
تطلعُ من مفازاتِ القفارْ
وأنا أسميها السُلافةَ …
يثملُ النعناعُ في ثغرٍ تلوذُ بهِ
زهورُُ الجُلَّنارْ …
ولطالما أسميتها – حين المُزاح –
سليلةَ الماشينَ فوقَ دمِ البراءةِ
والبرابرةِ التتارْ
والخائفينَ من النهارْ …
تُغري – إذا ضحكتْ – مواويلي القديمةَ بالصُّداحِ
تُحيلني طفلاً تدثّرُهُ رياشُ الياسمينَ
وكان يغويها انبهاري باخضرارِ العشبِ
في عينينِ كُحّلهما مِزاجُ ندىً ونارْ
وحمامَتَيْ تِبْرٍ
تمرّدَتا على قفصِ الإزارْ
……………..
………………
قالتْ : ستعرفُ حينَ يخذُلكَ الحنينُ الى الديارْ
أنَّ الثرى وَهمٌ
فَدعْكَ من الحديثِ عن المَلاذِ المُستعارْ
…………….
……………
كنّا وحيدين انتهينا بانتصافِ الليلِ
نلتحفُ الندى في الغابةِ الحجريةِ الأشجارِ
لكني انتهيتُ –ضُحىً – وحيداً
فوقَ أرصفةِ المطارْ …
- تأتينَ " ماريّا " ؟
- إذا كفَّ الحَمامُ عن الهديلْ
هَبْ أنَّ مفتاحي سيفتحُ قفلَ بابِ المستحيلْ
أتكفُّ عن وجعِ التماهي
بالسماوةِ والنخيلْ ؟
والواحةِ الزهراءَ في الزمنِ العليلْ ؟
- سأكفُّ " ماريّا" … ولكنْ
حين يرثي العشقُ سادنَهُ القتيلْ
جفَّتْ جذورُ توسُّـــــــــــــلي فأَطيعي
شجَري فقدْ لوتِ الريــــــاحُ جذوعي
ما للفصولِ جميعها مـــــــــرَّتْ ولا
بُشرى – ولو طيفاً – بخطوِ ربيعِ ؟
خرساءَ تستجدي اللحونَ ربـــابتي
وتمدُّ كفّاً للأمانِ ربــــــــــــوعي
وإسْتَفْرَدَتني يا رباي مرافــــــيءٌ
مهجورةٌ إلا شراعُ نجيــــــــــــعِ
نَكَثَتْ ضفافُكِ عَهْدَها وتنَصــــــّلتْ
أمطارُكِ السمحاءُ من ينبـــــوعي
ما حيلتي ؟ لا الحبُّ يشفعُ إنْ بدا
ذُلّي ..ولا كانَ الحبيبُ شفيـــعي
العيدُ ؟ أن أُرسي بنهرِكِ زورقي
وأريقَ في واديكِ دمعَ شــموعي
أنْ تسكني مني خلاصـــــةَ مقلةٍ
غرثى كما سكنَ الفؤادُ ضلوعي
هذا ربيبُ هواكِ يلطمُ حظَّـــــهُ
جزعاً وما كان الفتى بجـــزوعِ
دالتْ بهِ الأشواقُ فهوَ مــــــوزعٌ
ما بينَ مغْربِ موعدٍ وطــــــلوعِ
يصحو على ليلٍ فَيُطْبِقُ جفنَـــــهُ
وهماً على شمسٍ أوانَ هزيــــــعِ
ما للذينَ محضْتُهُمْ تِبْرَ الهــــــوى
جحدوا رغيفَ دمي وكأسَ دموعي ؟
*****
ليسَ صحيحاً أنني عدتُ بـ"خُفَّي حُنينْ"
ليسَ صحيحاً ..
فأنا عدتُ بجرحٍ فاغرٍ
يمتدُّ من قلبي الى المقلتينْ
ولستُ بالأسيفِ والحزينِ …
لأنني
من قبل أن أبدأُ في تَمرُّدي
على طقوسِ العشقِ في مضاربِ المجونِِ...
وقبلَ أن تكوني ..
كنتُ أرى سكينتي
ضرباً من الجنونِ !
وقبل أن يُبْحِرَ بي سفيني
عرفتُ أنَّ رحلتي
تُفضي الى مرافيءِ الأنينِ
*****
كيف خلاصي منكِ
إن غدوتِ في الأصغرينْ
وشماً ..
وفي المُقلتينْ
شَمسينِ تطردان عني
ظلمةَ الغُربتينْ ؟
كيفَ خلاصي منكِ
إن كان الهوى في عرفنا
فَرضَ عين ؟
*****
ثبت الكتاب
اسم القصيدة الصفحة
إهداء …………………………… 5
تضاريس قلب ……………………… 10
تماهي …………………………… 15
ستسافرين غدا ……………………… 20
يا جبل الوقار ………………………. 25
في آخر العمر ……………………… ... 37
النــــــــــــفق ……………………........ 43
ما عدت سرا ……….......................... 48
يحدث في خيالي ……………………… 53
طرقنا بابكم فأجاب صمت …………........ 63
كأني أطالب بالمستحيل …………………. 71
اين ستهربين من حبي ………………….. 75
حلـــــــــــــم ………………................. 78
يا صاحبي ………............................. 82
أربعة أرغفة من تنور القلب ……………. 93
قصائد خدّج …………………………. 97
رحيل آخر …………………………... 105
حين تكونين معي …………………….. 112
رثاء مبكر …………………………... 117
جحــــــود …………………………..... 121
جنـــــــون ......................................... 124
· عيناك دنيا
· قصائد في زمن السبي والبكاء
· قلبي على وطني
· جرح بأتساع الوطن
· من أغاني المشرد
· الاختيار
· عيناك لي وطن ومنفى
· رباعيات
· هذه خيمتي فأين الوطن
· أطبقت أجفاني عليك
· الأفق نافذتي
· نقوش على جذع نخلة
· زنابق بريه