الجواهري وأنا .... من يلتحق بنا ؟
( دعوة لكتابة قصيدة عمودية )
خاتمة احتفاليتي بالجواهري الكبير نموذج رقم 9

خلدون جاويد

بطاقة دعوة
الى الأعزاء الشعراء كافة :
يسعدني ويشرفني ، أن اتوجه الى الشعراء العراقيين فقط في دعوة كريمة عساها ان
تستجاب من لدن شاعر القريض بالكتابة على الاسلوب النقدي في الذود عن عراقنا
الحبيب ونقد الظواهر المتخلفة والاساليب شبه الدكتاتورية في غمط الحقوق
الاجتماعية والانتخابية والدستورية ، علما بأن القصيدة المجاهدة أيام زمان قد
كان له دوي الصواعق وشرار النار . أين نحن من زمان الأفذاذ كالحبوبي وعلي
الشرقي والكاظمي وأحمد الصافي النجفي وكوران والرصافي والكرخي والزهاوي
والجواهري ومصطفى جمال الدين وغيرهم من المسلات والاهرام والذرى . هل نستنهض
معا امكانية كتابة تخطف المشعل السامي من ايديهم الجليلة لتنطلق في فضاء
الابداع ( في القصيدة العمودية القابلة للتجديد ) رغم كل ماقيل عنها وحسب
الشاعر العظيم ت س اليوت صدقا عندما قال يهرب الشاعر الضعيف من العمود الى
القصيدة الحرة لاستسهال العمل فيها ! . وهذه الدعوة خاصة بطبيعة الحال بشعراء
العمود الشعري . وادناه مثال على مجاراة او معارضة شعرية :

الطرطرا الاولى وقد كتبها شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري
· نظمت عام 1945
· نشرت ، أول مرة ، في جريدة " الرأي العام " العدد 1484 في 24 آذار 1946 ..
وقدمتها : " انها من وحي الظروف خلال تطبيق مرسوم صيانة الأمن العام وسلامة
الدولة رقم 56 لعام 1941 على هذه الجريدة في اليوم الأول من شهر آب 1945 التي
عطلت بموجبه قرابة شهرين " . وأضافت : " وهي من النمط الساخر والوزن من القصيدة
الدبدبية المشهورة التي قيلت في العهد العباسي ومطلعها :
" أي دبدبي تدبدبي     أنا علي المغربي " .

أي طرطرا تطرطري
تقدمي تأخري
تشيعي تسنني
تهوّدي ، تنصري
تكردي ، تعربي
تهاتري بالعنصر ِ
تعممي ، تبرنطي
تعقلي ، تسدري
كوني – اذا رمت العلى
من قبُل ٍ أو دبر
صالحة " كصالح "ٍ
عامرة " كالعمري "
    *******
وأنت ِ ان لم تجدي
أباً حميد الأثر ِ
ومفخرا من الجدود
طيب المنحدر ِ
ولم تري في النفس ما
يغنيك أن تفتخري
شأن عصام ٍ قد كفته
النفس شر مفخر ِ
فالتمسي أبا سواه
أشرا ذا بطر ِ
طوفي على الاعراب من
باد ٍ ومن محتضر ِ
والتمسي منهم جدودا
جددا وزوري
تزيدي تزبدي
تعنزي تشمري
في زمن الذر الى
بداوة ٍ تقهقري
     ****
تقلّبي تقلب الدهر
بشتى الغيَر
تصرفي كما تشائين
ولا تعتذري
لمن ؟ !! أللناس وهم
حثالة من سقر ِ
عبيد اجدادك من
رق ومن مستأجر !
ام للقوانين وما
جاءت بغير الهذر ِ
تأمر بالمعروف
والمنكر فوق المنبر ِ
شئ أبى المعروف في
شويِّ امُّ المنكرِ
أم للضمير والضمير
صنع هذا البشر ِ
تعلة لصائم ٍ
فطيرة لمفطر ِ
لمن ؟ أللتاريخ وهو
في يد المحرر ِ
قد تقرأ الأجيال في
دفة هذا المحضر ِ
عن مثل هذا " العصر" ان
قد كان زين الأعصر ِ
وانه من ذهب ٍ
وانه من جوهر ِ
أم للمقاييس اقتضا
هن اختلاف النظر ِ ؟
ان أخا طرطر من
كل المقاييس بري !
****
أي طرطرا ان كان شعب
جاع أو خلق عري
أو أجمع الست ُّ
الملايين على التذمر ِ
او صاح نهبا بالبلاد
بائع ومشتري
او نُفذ المرسوم
في محابر وأسطر ِ
أو أخذ البريءُ بالمجرم
أخذ طرطر ِ
أو دُفع العراق
للذل او التدهور ِ
فاحتكمي تحكمي
وتحمدي وتؤجري
****
أي طرطرا تطرطري
وهللي وكبري
وطبلي لكل ما
يخزي الفتى وزمري
وسبحي بحمد مأ
فون ٍ وشكر أبتر
اعطي سمات فارع ٍ
شمردل ٍ لبحتر ِ *
( * : الشمردل الطويل والبحتر القصير )
واغتصبي لضفدع ٍ
سمات ليث قسور
وعطري قاذورة
وبالمديح بخري
وصيّري من جُعل ٍ
حديقة من زهر ِ
وشبهي الظلام ظلما
بالصباح المسفر ِ
وألبسي الغبي والأحمق
ثوب عبقر ِ
وأفرغي على المخانيث
دروع عنتر ِ
ان قيل ان مجدهم
مزيف ٌ فأنكري
أو قيل أن بطشهم
من بطشة المستعمر ِ
وان هذا المستعير
صولة الغضنفر
أهون من ذبابة
في مستحم قذر ِ
فهي تطير حرة
جناحها لم يُعَر ِ
وذاك لو لم يستعر
جناحه لم يطر ِ
فغالطي وكابري
وحوري وزوّري
****
أي طرطرا سيري
على نهجهم والأثر
واستقبلي يومك من
يومهم ُ واستدبري
وأجمعي أمرك من
أمرهم ُ تستكثري
كوني بغاثا واسلمي
بالنفس ثم استنسري
ان طوّلوا فطولي
او قصروا فقصّري
او اجرموا فاعتذري
او انذروا فبشري
او خبطوا عشوا فقولي
أي نجم ٍ نير ِ
أو ظلموا فأبرزي
الظلم بأبهى الصور ِ
أو صنعوا ما لم
يبررمنطق فبرري
***
أي طرطرا لاتنكري
ذنبا ولا تستغفري
ولا تغطي سوءةً
بانت ، ولا تتزري
ولاتغضي الطرف عن
فرط الحيا والخفر
كوني على شاكلة ٍ
من أمرهم تؤمّري
كوني على شاكلة
الوزير بادي الخطر ِ
أي طرطرا كوني على
تاريخك المحتقر ِ
احرص من صاحبة
النِحيين أن تذّكري
*****
طولي على كسرى ولا
تعني بتاج قيصر ِ
كوني على مافيك من
مساؤئ  لم تُحصر ِ
كوني على الأضداد في
تكوينك المبعثر ِ
شامخة شموخ قرن
الثور بين البَقر ِ
*****
أي طرطرا أُقسم
بالسويكة المشهّر ِ
والخرز المعقود في
البطن فويق المشعر
بوجهك المعتكر
وثغرك المنوّر ِ
وعينك الحمراء ترمي
غيظه بالأحمر ِ
أقٌسم بالكافور لا
اقصد شتم العنبر
لأنت فوق البشر ِ
فوق القضا والقدر ِ

***
أي طرطرا " يالك من
قبرة بمعمر ِ
خلا لك الجو " وقد
طاب " فبيضي واصفري "
و" نقري " من بعدهم
" ما شئت ان تنقّري "
قد غفل الصياد في
" لندن " عنك فابشري !

تلك هي قصيدة شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري الذي ربيت على ديوانه
وانتهلتْ أيامي وسنوات الشباب منه ومن جماليات وجواهر الكلم النقي الصافي كما
وردتُ من مناهل ومنابع شعبنا العراقي العريق بالشعر والجمال والبيان والسحر .
ولعلني تأثرت الى حدود ما وعملت جهدي كما فعل غيري، ان اتعلم لأتخرج من صفوف
المعرفة اياها وما ان انسلخت بهذا القدر او ذاك حتى حاولت جديدا على الطريق ان
انحو منحى اساتذتي الكبار وعساني قد وفقت بهذا القدر او ذاك من الاسهام . ولكل
انسان في هذه الدنيا قدر من المعرفة ودرجة من الحظ او اليقين في دأبه وموهبته .
وسوف لايهمني انا شخصيا من اكون من الشهرة ، اليوم او غدا ، بقدر مايسعدني ان
تكون القصيدة العراقية فذة متأججة حقيقة سامقة كالنخيل في بلادي ولكي تشيع
القصيدة ، سواء كتبتها انا ام سواي ، عطرا ومعرفة وسنى وسناء على شعبي الحبيب
فسعادته هي الامنية الاولى والاخيرة وليس نيافة المتنبي او شكسبير او فيرجيل
لتعني عندي شيئا ! .
ادناه اسهامتي الرائية المتواضعة ، ولا اطيل شرح اسباب كتابتها في فترة
الانتكاس السياسي وظروف القدوم على الهجرة من العراق والدول العربية الى بلدان
اللجوء المعروفة وكيف اني قمت بتقريض وتعنيف هاته القوى السياسية والتبرم بما
آل اليه الوضع المزري من شبه ضياع او ضياع للآمال المرجوة والمؤجلة . وكذلك ضد
كل المحاولات للتقرب من السلطة وطرح الاستفسارات والتساؤلات في نهاية الثمانيات
عن امكانية العودة الى العراق في صيغة او اخرى من التصالح او العفو او التفاهم 
:

" أي طرطرا تطرطري "
نامي ولاتفكري
دوسي على اكبادنا
ان شعرت ْ لن تشعري
بأن شعباً قد رمته
الريح نحو المهجر ِ
وهددته بالضوى
والموت والتصحر ِ
أحرى بأن ْ تنسيه في
المأساة لا أن ْ تذكري
صومي عن البوح ومن
كأس دموعنا افطري
بوجهه المجدور يقضي
الحسن أن لا تنظري
عن فقره تشاغلي
بالعيش في الركن الثري  ...
عن رفقة ٍ تغافلي
تباعدي عن معشر ِ
تشاغلي بالمجد في
صومعة المفكر
وافتي اذا شئت لنا
بمقتل ٍ ونظري
ولترفعي اللوائح
الصفراء للمستنصر ِ
ولتشتمي الشعب اذا
ثار على مستهتر
وعنفي المشنوق في
رفعته واستصغري
بيعي بنا رخص التراب
في المزاد واشتري
الناس دود الأرض ...
و ( الرهبان ) فوق البشر ِ
          ******
" أي طرطرا تطرطري "
صرخة روحك احذري
ولتسملي آمالنا
من بؤبؤ ٍ لمحجر ِ
ولتذري الرماد في
عيون كل مبصر ِ
وغيّري شهادة الميلاد
عفواً زوّري
ورحلي وسفري
وشتتي وبعثري
ان سألوك منشأً
مسقط رأسك انكري
تدافعي كالتترر
وارتحلي كالغجر ِ
سبيان في بابل بل
موتان للمهجر ِ
" أي طرطرا  تطرطري "
جنازة الشعب احضري .
       *******
تأملي تفكري
بمجدك المندحر ِ
كالببغاء رددي
ماخط ذهن العبقري
ان خبت ِ لاتنفعلي
ان مت ِ لاتستذمري
وان خسرت ِ تربحي
وان قتلت تعذري
ان فاتك القطار يا
عانستي ... انتظري
على الخراب اصطبري
على الصليب انتحري
هذا حصيد الحظ
والمكتوب والمقدّر ِ
لاتعذلينا نظراً
فذاك بعد النظر ِ
عاشقنا أطول باعا
في اجتراح الفِكَر ِ
ياقزحا من مطر ِ
حطمت قوس الظفر ِ
ورحت للمنفى على
العكاز رث المظهر ِ
" أي طرطرا تطرطري "
وعنّفينا وازجري .
       ********
يا أيها المنفي ِّ في
استوائه المستعر ِ
يا أيها المنبوذ في
قطب السويد المقفر ِ
في السفح في سهوله
في قمم ٍ في حفر ِ
لم يبق الاّ الدرع
منقوشا بدمع ٍ أحمر ِ
يا فارسا لم يدخر
حارب بغمد الخنجر ِ
يازهرة مسجونة
في كرة ٍ من حجر ِ
عاشقة للشمس في
انبثاقها المنوّر ِ
نموت ان لم تثقبي
الجدران ان لم تظهري
علية في منظر
دانية في ثمر ِ
يامهجة الشعب احضري
" بنسرك " المؤزر ِ
وحطمي الأصنام دوسي
( هبلا ) ... وكسري
ولتشعلي انتفاضة
اخرى لعدوى الحجر
في الحب لاتدّخري
ان لم تموتي انتحري
     ******
" ياطرطراً " خزيا على
خزي وعريا في عري
ان تدفعي الجرح الى
تقبيل كف الخنجر ِ
وأن تبوسي نعل
دكتاتورك المحتقر ِ
لافرق أن تحرري
منه وان تستعمري
ساو ِ اذن بين الظلام
والصباح النيّر
مابين اعمى جاهل ٍ
وعالم ذي نظر ِ
تبذلي ترذلي
بالعاشقين استهتري
وكشفي عن عريك
الذاوي ومن ثم استري
تياسري تيامني
.. " تقدمي تقهقري "
اياك أن تنتصري
أو تحلمي بالظفر ِ
      ******
" أي طرطرا تطرطري "
انقرضي ... اندثري
تشبثي بالحقد لوذي
بالشتات اندحري
واستبدلي انتماءنا
بالانتماء الاسري
وقدمي ماشئت من
ألقابها وأخري
هذا زمان القحط
والسقوط والتنكر ِ
فلتحلمي ان تسلمي
المفتاح كف المفتري
ولترجعي قطعاننا
في شكل سيل بشري
ماشية نحن ، فسيري
يارعاة البقر ِ
أمامكم في طاعة
بعدكم ُ في سقر ِ
   ******
" أي طرطرا تطرطري "
كلا ونهج حيد ر ِ
كلا لكيد الزانيات
للقيط القذر ِ
كلا لمستقبلنا
العابث والمبعثر ِ
يا امرأة العراق جودي
باللهيب بشري
يا امنا الأرض ابذري
ولتحبلي بالشرر
ما أثمر الرمان في
موسمنا فلتثمري
نهد السنابل انثري
ومسك طلعك الثري
ورافديك سيّري
بزمزم ٍ وكوثر ِ
لا تسقطي فأسك من
يديك كي لاتقبري
ياامرأة كالشمس
قومي بالوشاح الأحمر ِ
بشعر ليل ٍ غجري
بأجمل الضفائر
على السجون اانتشري
وكل اعمى بصر ِ
ياامرأة العراق ظلي
امرأة للخضري
ومزقي الأكفان عن
جثمانه ونوّري
بالرافدين ازدهري
وبالأريج السومري
ياغيمة من درر
حان نشيد المطر
ستورقين ذات يوم ٍ
رغم أنف القدر ِ
   ::::::::::::::::::::::::::::

طرطرا الثالثة

      القصيدة الثالثة المنتظرة هي من شعر الذي يلتحق بهموم شعبه ومظلوميته
وآلامه ودموعه وأحلامه وآماله ، هو شاعر سائر على طريق شعبنا العراقي الأشم وهو
يصعد السفوح والذرى رغم المنعطفات والحفر والافخاخ التي في شعابها . انه شعب
صاعد ينتظر شعلة أمل على يد مناضل وشاعر فأين هي طرطرا الثالثة ؟ الدعوة مفت