من جرائم الديكتاتور صدام بحق الفلسطينين:

 

كيف قُتل وديع حداد؟                                 

أحمد أبو مطر                                        

 

          دخلت القوات السورية إلي لبنان تحت مسمي (قوات الردع العربية) في عام 1976م ،عقب عامين من إندلاع الحرب الأهلية ، ولما كانت الخلافات علي أشدها مع أغلب الفصائل والتنظيمات الفلسطينية ، فقد رحلت قيادات هذه الفصائل إلي بغداد خوفاً من الإحتكاك والمشاكل مع القوات السورية ، التي أساساً دخلت لترجيح كفة الجبهة الكتائبية وحلفائها ، في مواجهة الحركة الوطنية اللبنانية وحلفائها الفلسطينين ... ونكاية بالنظام السوري ، إستقبل نظام صدام حسين , القيادات الفلسطينية ومعها مئات العناصر والكوادر ، وقدم لهم التسهيلات والإقامة ، وتوزعت هذه القيادات حسب البيوت والفيلل التي منحتها لهم مخابرات صدام في منطقتي  (الجادرية) و (المسبح) في بغداد ... أما بالنسبة لوديع حداد وجماعته ، فمن المعروف أنه كان عضواً في المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وكان المسئول عن العمليات الخارجية التي كانت تنطلق باسم (المجال الخارجي) ... ولكن الجبهة في مؤتمرها العام ، قررت عام 1973م وقف هذه العمليات الخارجية ، لأنها بدأتها كوسيلة إعلامية بالصوت العالي ، لإسماع العالم صوت الشعب الفلسطيني ، في مواجهة الدعاية الصهيونية التي ركزت علي أن (فلسطين أرض بلا شعب ، تُعطي لشعب بلا أرض) ، يقصدون الشعب اليهودي ... ولما أدت هذه العمليات غرضها ، وأسمعت صوت الشعب الفلسطيني للعالم كله ... قررت وقفها ... إلا أن وديع حداد رفض الإمتثال لقرار المؤتمر العام ، وجمع عناصره ومؤيديه ، وإستمر في العمليات الخارجية , بإسم (المجال الخارجي)  دون أن يعلن إنشقاقه عن الجبهة الشعبية فقررت الجبهة فصله في نهاية العام 1973م ، فتلقفته مخابرات صدام حسين في زمن رئيسها الشهير (سعدون شاكر) فإستقدمت وديع حداد إلي بغداد  مع مجموعة من مؤيديه وعناصره خاصة ممن شاركوا في عمليات خارجية ولديهم الخبرة , ومطلوبين للعديد من الأجهزة الأمنية في العالم ... وكان من بينهم الفنزويلي (كارلوس) المسجون مؤبدا في السجون الفرنسية ، وقدمت لوديع حداد العديد من الشقق والفيلل ، أشهرها .. (فيلا المسبح)  التي كانت من طابقين ، وكانت مقر الإدارة العامة لجماعة وديع حداد ، ففيها غرف الإجتماعات , والقيادة اليومية  وغرف نوم الكوادر الموجودة أو المناوبة ... وهناك شقة (الجادرية)  التي كانت أساساً تحت سيطرة مخابرات صدام ، ووجود جماعة وديع حداد فيها لمجرد الشكل والتمويه ، ومنها كانت تدار عمليات طبع الجوازات وتزويرها في المطبعة التي إشترتها مخابرات صدام من (ألمانيا الديمقراطية) آنذاك .... وكانت التعليمات قد صدرت لمدراء الإستقبال في (فندق بغداد)  أشهر فنادق العاصمة العراقية آنذاك ، أن كل نزيل أجنبي من الدول الأوروبية والأمريكية والعربية والخليجية ، يرسل جوازه لهذه الشقة لمدة 12 ساعة  لتصويره ودراسة تفاصيله وشكله وكثافة ورقه ، ليصار طبعه وتزويره بعد ذلك ... وعبر هذه المطبعة الموجودة شكلا تحت إشراف جماعة وديع حداد , كانت تطبع جوازات سفر , مالا يقل عن ثلاثين دولة عربية وأوروبية , منها السعودية والكويت ... وكانت النكته الرائجة بين الشباب والفتيات .. (أهلنا في السعودية منذ ربع قرن  ولم يحصلوا علي جنسيتها , والوحيد الذي يمنحك الجنسية السعودية  خلال خمس دقائق هو الخال ـ لقب وديع حداد) ...

وللتاريخ والحقيقة فإن مخابرات صدام  كانت تقوم بلعبة مزدوجة قذرة ... فهي تسهل وصول عناصر وديع حداد  للعديد من المواقع في العالم ، وفي الوقت ذاته  ودون أن يدروا يتجسسوا علي قيادات المعارضة العراقية ، وعبر الأسلحة التي كانت تُسلمها لهم السفارات الصدّامية ، تم إغتيال العديد من هذه القيادات ، أشهرها حادثة إغتيال القيادي الشيوعي (توفيق رشدي) في عدن .

 

ومن بغداد ، إنطلقت العمليات الخارجية التي خُطط لها وقام بها وديع حداد بعد فصله من الجبهة الشعبية ، وكانت المخابرات الصدّامية تطلع علي هذه العمليات مسبقا من وديع حداد مباشرة أو من عملائها ضمن الجماعة ... وهذه العمليات أو أشهرها كان لخدمة مصالح النظام أيضاً ... وديع حداد يطبق بشكل عشوائي شعاره (وراء العدو في كل مكان) , ونظام صدام يستغلها للضغط علي بعض الدول أو تحقيق مصالح لدي دول أخري ومنها حصراً ..

 

ـ عملية خطف طائرة لوفتهانزا الألمانية , عام 1975م , وكانت عملية مالية , مارس فيها وديع حداد الضغط للحصول علي خمسة ملايين دولار .... المصادر العليمة , أكدت آنذاك حصوله عليها ، وتم الإفراج عن الطائرة وركابها في مطار بيروت ... وفي الوقت ذاته تدخلت مخابرات صدام علي الخط  ، فبدت أمام الألمان أنها هي التي ضغطت وأقنعت بضرورة الإفراج عن الطائرة و ركابها .

 

ـ محاولة قصف طائرة إسرائيلية بالصواريخ ، عقب إقلاعها من إحدي مطارات كينيا عام 1976م وقد تم إلقاء القبض علي المجموعة الفلسطينية ، ومن بينها فتاة ألمانية  وهم ينصبون الصواريخ ، قريبا من المطار الكيني  وقبل إقلاع الطائرة الإسرائيلية ... وإستشاط يومها وديع حداد غضبا أمامنا   في فيلا المسبح , وقال .. أكيد هم الذين بلغوا عن الشباب ! ولما سُئل من يقصد ب(هم) , قال (زُلم .. سعدون شاكر) ... وهكذا ... الشباب الفلسطينيون  يذهبون للسجون ومخابرات النظام الصدامي  ، تحسن مواقعها وسمعة نظامها لدي دول العالم , في أنها (تبلغ مسبقا عن أية عملية إرهابية تعرف بها)!

 

ـ العملية التي اشتهرت بإسم المطار الأوغندي (عنتيبي) نهاية عام 1976م ، حيث خطفت مجموعة من جماعة (وديع حداد) طائرة إسرائيلية , ردا علي فشل العملية السابقة وإعتقال الشباب والفتيات  ، الذين كانوا يزمعون القيام بها .... ونجحت عملية خطف الطائرة ، وحطت بركابها وخاطفيها في المطار الأوغندي المذكور في زمن رئيس أوغندا (عيدي أمين) .. وفور الإعلان عن هبوطها في المطار ، استشاطت مخابرات صدام غضباً , لأن وديع حداد لم يخبرهم مسبقاً بالعملية , كي يضمن عدم حدوث إختراق من طرفهم كما حصل في عمليات سابقة .. ورغم ذلك تدخلت مخابرات صدام بعد إتصالاتها بنظام (عيدي أمين) ، ومارست ضغوطاً كي يقبل وديع حداد  الطلب الأوغندي بإنزال ركاب الطائرة إلي المبني الثالث في المطار ، وحراستهم من قبل الخاطفين ، وكان ذلك طلباً إسرائيلياً كي تسهل مهاجمة المبني وتحرير الرهائن ... ولإقناع وديع حداد بذلك ، أكدت له مخابرات صدام  أنها مستعدة لإقناع عيدي أمين  بالموافقة علي وصول مسلحين من جماعة وديع حداد من بغداد ، لتعزيز رفاقهم الخاطفين بعد نزولهم مع الرهائن إلي المبني الثالث من مطار (عنتيبي) ، وهو مبني منعزل يمكن إقتحامه دون إرباك الحركة في باقي مباني المطار ... ووافق وديع حداد علي الطلب الأوغندي المدعوم بضغوطات نظام صدام ، وهو في الأساس طلب إسرائيلي ... وفعلا أرسل وديع حداد عدة عناصر مسلحة كان علي رأسها أهم كادر من كوادر الجبهة الشعبية آنذاك ، وأحد المعروفين من قيادة حركة القوميين العرب  وهو (الحاج فايز جابر) .... وما إن وصل مع رفاقه  وانضموا للخاطفين ، حتي إقتحمت قوات إسرائيلية  مبني المطار ، وقتلت الخاطفين الخمسة ورفاقهم الأربعة الذين وصلوا من بغداد لدعمهم ، وتم الإفراج عن كل ركاب الطائرة وملاحيها.

 

بعد هذه العملية , بدأت مخابرات صدام حسين , مجموعة من الضوابط التي قيدت حركة جماعة وديع حداد ، ووضعتها تحت إشراف أدق لمعرفة كل ما ينوي عمله ، إن لم يخبرهم به مسبقا حسب العرف المتفق عليه ....

 

عملية خطف طائرة لوفتهانزا

 

في الرابع عشر من أكتوبر/تشرين الأول من عام 1977م ، قامت جماعة وديع حداد بخطف طائرة لوفتهانزا الألمانية ، من (مايوركا) الإسبانية  إلي عدن ، حيث قتلوا الكابتن الألماني ، ثم أقلعوا بها إلي مطار (مقديشيو) الصومالي .... وبعد ثلاثة أيام ، إقتحمت فرقة كوماندوز بريطانية ـ ألمانية الطائرة، فقتلت ثلاثة من الخاطفين وحررت الرهائن كافة بدون أية خسائر بينهم ، وكانت كل الدول الأوروبية تعرف أن جماعة وديع حداد ، تتخذ لها مقراً رئيسيا في بغداد ومنها تنطلق كافة عملياته ، بعلم ودعم المخابرات العراقية ، لذلك بدأت الإتصالات الألمانية ـ الأوروبية مع نظام صدام حسين لمعالجة الأمر  ورفع الغطاء عن هذه الجماعة ، وإلا تعرض للمحاسبة والخطر .....

  

دُرس الأمر في دائرة (المنظمات الفلسطينية) بالمخابرات العراقية ، وتقرر الإستجابة لمطالب الدول الأوروبية وعلي رأسها ألمانيا الغربية آنذاك المتضررة من عملية (مقديشيو) ... وكان من المتوقع لدي جماعة وديع حداد ، أن تطلب منهم المخابرات العراقية  مغادرة بغداد أو وقف نشاطهم منها .. ولم يدروا أن المخابرات العراقية بتوجيه من صدام حسين شخصياً , قررت أن تكون إستجابتهم بشكل يرضي الدول الأوروبية ، أكثر مما كانوا يتوقعون في أوروبا ذاتها .... وانطلاقاً من هذه الإستجابة  ، وضُعت خطة إغتيال الدكتور وديع حداد  من المخابرات العراقية ، وبعلم صدام حسين وموافقته شخصياً .. لأنه كان يعرف أن هذه الجماعات تزول وتندثر فور موت قائدها أو مسؤولها ، فهي جماعات لا قاعدة تنظيمية محددة لديها ، وهي مجرد أفراد ومناصرين  يلتفون حول القائد عن قناعة أو لأسباب مصلحية ، وما أن يزول هذا القائد  حتي تتشتت الجماعة وتختفي ... وبهذه الطريقة يعطي إنطباعاً جيداً لدي أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ، أنه لا يطرد الإرهابين من بلاده , ولكن يقتلهم ويقضي علي تجمعاتهم .... وكان بذلك يريد توجيه رسالة للدول الغربية ، لأنه كان ينتظر التطورات في إيران وما سوف ينجم عن الصراع الذي بدأ يتكشف بين نظام الشاه في إيران والإمام الخميني الذي كان في باريس ، يقود الثورة ضد الشاه , بعد أن طرده صدام حسين من النجف.

 

كيف تم تنفيذ عملية الإغتيال؟

 

في الأسبوع الثاني من يناير/كانون الثاني من عام 1978م ، كان الدكتور وديع حداد في مكتبه بفيلا المسيح ، يعد أوراقه وحاجياته للسفر في اليوم التالي إلي الجزائر ، حيث لديه مواعيد ولقاءات مع شخصيات جزائرية أمنية وسياسية ، وفجأة دق جرس الهاتف ، وكان علي الخط من الطرف الآخر ضابط مخابرات عراقي ، أبلغه بأن لديه موعد مهم وعاجل مع مدير عام المخابرات العراقية ، وعليه التوجه فوراً إلي مكتبه الذي يعرفه ... كان وديع حداد غير مرتاح لهذا الأستدعاء العاجل ، ولكنه لا يمكن الرفض .... ترك أوراقه كما هي وذهب للقاء المسؤول ، وعاد من اللقاء بعد أقل من ساعة ، وكان متبرما ويشكو من ألم خفيف في المعدة .... سأله رفاقه في الفيلا ماهو سبب هذا الألم المفاجئ؟ فأجاب لاأدري ... ولكنني شعرت به بعد تناول القهوة في مكتب مسؤول المخابرات العراقية بدقائق  ، طلب منه رفاقه تأجيل سفره إلي الجزائر ، فرفض الفكرة  لأن المواعيد التي لديه هناك مهمة ، ومتفق عليها منذ أسابيع  فلا يجوز إلغاءها قبل ليلة من السفر ....

 

سافر وديع حداد  في صبيحة اليوم التالي إلي الجزائر ، وفور وصوله  إشتد عليه الألم , فإستدعي له المسؤولون الجزائريون الأطباء الذين شخّصوه  وأوصوا بنقله إلي المستشفي ... ومكث هناك حوالي إسبوعين .... دون أن يكتشف الأطباء سبباً لهذا الألم الذي يتصاعد من المعدة ، ويحدث آثاراً جانبية خطيرة في باقي الجسم ، دون أن يظهر أي سبب أو علة في كافة تحاليل الدم والبول والفحوص السريرية  لكافة أماكن الجسم .... وأمام هذه الظاهرة التي حيّرت الأطباء الجزائرين ، وبعد مشاورات عديدة ، تم نقله إلي تشيكوسلوفاكيا حيث كانت تربطه علاقات معرفة وعمل مع العديد من المسؤولين هناك ... تصاعدت حالته خطراً في المستشفي في براغ ، وتم إستدعاء طبيب فلسطيني مشهور من الولايات المتحدة الأمريكية ، شارك في التشخيص والعلاج  ومكث بجواره عدة أسابيع  دون أن يتمكن مع الأطباء التشيك من معرفة أسباب الحالة ، إلا أن الخطير في الأمر هو أن جسده بدأ يتقلص مع إشتداد حالات الألم لدرجة لم تنفع معها كافة أنواع المسكنات .... وإزاء خطورة حالته ورغم خلافه السابق مع الجبهة الشعبية  ، وقرار فصله منها إلا أن أكثر من عضو من المكتب السياسي

للجبهة  ، سافر إلي براغ للوقوف إلي جانبه  والتعبير عن التضامن معه  ومع عائلته ورفاقه.

 

ومات وديع في براغ ظهر الأثنين الموافق الثامن والعشرين من آذار/مارس عام 1978م . كنت ماأزال في الأسكندرية  ، أعمل في أطروحتي لدرجة الدكتوراة  التي سأتقدم بها لجامعة الأسكندرية ، بإشراف الأستاذ الدكتور/محمد زكي العشماوي ، عندما اتصل بي أحد الرفاق عضو قيادة جماعة وديع حداد  التي كنا نسميها (الأجتماع الموسع) ، وأخبرني بوفاة (الخال) في براغ  ظهر اليوم المذكور ، وطلب مني ضرورة التوجه إلي بغداد  لأن جثمانه سوف يصلها بعد أيام قليلة ، ومن الضروري أن أشارك في الجنازة  وأساهم في الجهود الإعلامية التي سترافقها . وصلت بغداد في الثلاثين من آذار/مارس ، وبعد يومين وصل جثمان وديع حداد إلي مطار بغداد ، وكانت مفاجأة أن سمحت لنا المخابرات العراقية جميعاً  بدخول المطار حتي مدرج هبوط الطائرة .... حملنا الجثمان محاطاً بعشرات من رفاق وديع وأصدقائه ، وكان معه أعضاء المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الذين قد طاروا إلي براغ أثناء علاجه .

 

أودعنا الجثمان في مستشفي اليرموك في بغداد ... وفتحنا التابوت لإلقاء ما يسمونها النظرة الأخيرة علي الجثمان ، وكانت المفاجأة .. جثمان وديع حداد نحيف ومتقلص بشكل لا يصدقه أحد .... خاصة  للحضور الذين يعرفون (أبوهاني) بجسده الممتلئ وقامته الطويلة .... مما عني أن نوع الأصابة التي أدت إلي وفاته  ، كانت تعمل تدريجياً علي تآكل الجسد وتقلصه , وشيع جثمان وديع في جنازة مهيبةفي العاصمة العراقية ، حضرها الأمين العام للجبهة الشعبية الدكتور/جورج حبش رغم خلافه السابق مع وديع الذي أدي إلي فصله من الجبهة .... وأتذكر يومها أنه في حفل التأبين الذي أعقب التشييع , قال جورج حبش في خطابه , مامعناه (يقولون أن وديع حداد إرهابي ! نعم إنه الإرهاب الذي يرد علي إرهاب العدو الصهيوني )....

 

في المساء فُتح باب العزاء في فيلا المسبح ، وجاء مدير المخابرات العراقية (سعدون شاكر) لتقديم العزاء .... وبعد جلوسه توجه بالسؤال إلي عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية ، الذي كان مع وديع حداد في المستشفي في براغ .... سأله قائلا .. (رفيق ... ماذا قال الأطباء التشيك عن أسباب الوفاة ...؟) أجابه (لم يحددوا سبباً معيناً ... لكن طبيباً فلسطينياً يعمل في المستشفيات الأمريكية  ، أخذ عينة من الجسد  سوف يحللها هناك  ويخبرنا بالنتيجة والسبب خلال أيام) ... إستعاد (سعدون شاكر) المعلومة ، وعلي وجهة بعض مظاهر القلق والإرتباك وإستأذن علي الفور خارجاً من مجلس العزاء!..

وثبت بعد ذلك  دون أن يجرؤ أحد علي قول الحقيقة  ، وهي أن المسؤول المخابراتي الذي إستدعي وديع حداد إلي مكتبه  ليلة سفره إلي الجزائر , دسّ له في القهوة  نوعاً خاصاً من السموم المعروفة عالمياً ، لا تظهر أية نتائج أو ظواهر لها في تحليلات الدم أو الفحوصات السريرية ....

 

وبقتل وديع حداد حقق نظام صدام حسين هدفين ..

 

1 ـ إسترضاء حكومة ألمانيا الغربية  بقتل من خطف طائرتين ألمانيتين ، وقتل طيار إحداها في عملية مقديشيو عام 1977م .

2 ـ توجيه رسالة غير مباشرة للدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية  بأنه لا يأوي إرهابين ، وعندما يكتشفهم  يقوم فعلا بقتلهم  ، وهي رسالة مهدت للدعم الذي لقيه , وهو يشن حرباً غير مبررة لمدة ثماني سنوات ضد جارته إيران ...تلك واحدة من أشهر جرائم الديكتاتور صدام حسين بحق الشعب الفلسطيني ، كان يغطي عليها بأفعاله التلفزيونية كجيش القدس الذي إدّعى أنه وصل إلى أربعة ملايين و بتكراره الهتاف بحياة فلسطين في نهاية كل خطاب له .

 

* كاتب التحقيق ، عاش تلك التجربة شخصيا في بغداد .                                                                         ahmad64@hotmail.com