الألم  وصف وأسباب وأنواع وعلاج

      ألم .. أي وجع وجمعه اَلاَم كما جاء في معجم لسان العرب وقد لازم الألم الانسان منذ بدء الخليقة مع الأخذ بالنظر تباين صورة إستقبال الإحساس به ومدى تحمله .أما وصفه فهوالشعوربالمعاناة والإحساس بعدم الارتياح . وتعريفه بايولوجيا ًهو إنعكاسات ما تنقله الأعصاب المنتشرة في الجسم البشري ومن مكان الإصابة تحديدا ً على هيئة نبضات وإشارات إستغاثة لترسل إلى مراكز الحس والتحكم اللاإرادية في المخ والذي بدوره يعيدها إيعازا ً وأوامرا  إلى كافة الأجهزة الحيوية المتحكمة المختلفة لإعانة ذلك العضو المصاب بما يتلائم وإصابته أو مرضه بغاية إسعافه .

      يُستخدم هذا المصطلح على نطاق واسع في مجال الطب و التمريض وهو مدعاة لشكوى الغالبية المطلقة من المرضى والمصابين  . يحمل الألم مفهوما ً واسعا ً ومثيرا ً متعدد الجوانب والأسباب لذلك من الصعوبة بمكان الإلمام بكل أطرافه بمقال واحد  وعليه كانت  هذه الحلقة الأولى مدخلا ً للموضوع ليتبعها ما يعمم الفائدة المعرفية وعلى نطاق أوسع .

     ليس من الممكن كما ولا يجب الإستهانة بالالم حيث إنه يشكل إشارة رئيسية وهامة للعديد من الحالات المرضية البسيطة منها أوالخطيرة , لابل القاتلة في أحيان أخرى وفي ذات الوقت وبالمقابل يمكننا القول أن الألم نعمة  فهويشكل أحد وسائل دفاع الجسم الغاية في الاهمية لزيادة الحذر في توقي الإصابة بأمراض عدة  إذ يعتبر الألم، أيّا كان نوعه، من أكثر الأسباب التي تدفع الإنسان لمراجعة الأطباء والإستعانة بإستشارتهم . ففي الولايات المتّحدة، مثلا، يدفع الألم نصف الأميركيين للبحث عن الرعاية الطبية سنويا .

     ليس كل الألم شرا بل قد يكون الخير فيه وقد تكفي  جرعة بسيطة من ألم ما لتقلب العزيز ذليلا  والمستكبر متواضعا والمترفع خاشعا . وكم من غافل ذكّره الألمُ فذكر , وكم من طاغٍ وخزهُ الالم  فانتبه . والألم كفارة للذنوب  إذ ورد في الحديث  النبوي الشريف عن الحبيب المصطفى صلى  الله عليه وسلم  قال ** ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولاهم ولاحزن ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه ** أخرجه مسلم  

     يُواجه  قياس درجات الألم صعوبة طبية تقنية كونه شعور وإحساس غير ملموس , لكن الباحث الألماني فالتر ماغرل من معهد علم النفس والفسلجة في جامعة غوتنبيرغ تمكن من ابتكار جهاز قادر على قياس شدة الألم والذي تحول لاحقا, مع التقدم العلمي، إلى جهاز يقيس كافة أنواع الألم التي تحس بها نهايات الأعصاب الدقيقة في جسم الإنسان .

     يقتصر الألم أحيانا ً على منطقة محددة في الجسم مثل مكان الجرح , لكن و في حالات ثانية قد ينتشر على نطاق أوسع كما نلاحظ ذلك أثناء الإصابة بإرتفاع درجة حرارة الجسم أوالأمراض المزمنة كالأمراض السرطانية مثلا ً. كما للألم صفات عديدة منها ما يتعلق بالشدة  فهوالعنيف والمتوسط والخفيف . أما ما يتعلق بنوعية الألم وكيفة الإحساس به فمن الممكن أن يكون على صورة وخز ,ضغط , مغص , حرق أوطعن وغيرها . أما تصنيف الالم نسبة ًإلى طول مدة إستمراره فهو إما الحاد أوالمزمن الذي تجاوزت مدته الثلاثة أشهر و قد تطول إلى عدة سنوات . يعد هذا الصنف من أبرز المشاكل الصحية التي يعاني منها الناس صغارا ً وكبارا . يؤدي الألم المزمن إلى الانعزال عن الحياة الاجتماعية ومزيد من الانطوائية، هذا بالإضافة إلى أن كثيراً من هذه الأمراض المزمنة تسبب إعاقة للحركة ونوعاً من العجز، فهي بذلك تقلل فرص المريض في الاتصال بأهله وأصدقائه. ومن ثم تظهر على المريض تغيرات سلوكية من اهتمام زائد بما يعانيه من أعراض، وقلق دائم واكتئاب وأقرب مثال على ذلك الألام في حالة  اعتلال الاعصاب الناتج عن مضاعفات مرض السكر أوألام الصداع النصفي أو التهاب المفاصل المزمن أو الأمراض السرطانية  والأمثلة عديدة .

      وللألم تصنيف أخر فهو المنفرد والمتقطع والمستمر  وهناك عدة أشكال للألم مرتبطة بالمأكل والملبس والمسكن والمناخ ومختلف جوانب الحياة اليومية للإنسان .

     إستعرضنا وإياكم بإختصار سريع المفهوم المادي أي العضوي للألام البدنية كتلك التي تصاحب الحوادث والإصابات والأمراض الشائعة و لا تفوتنا الإشارة إلى نوع أخر للألم مُهم وشائع أيضا ًألا وهو الألم بمفهومه  المعنوي أي المعاناة والآلام النفسية ، أو الشعور والإحساس الغير سار والتأثر العاطفي كألم الفقر والتشريد وألم الفراق أو فقدان عزيز . كما تستعمل لفظة الألم مجازا ً كألم الذكريات المحزنة والم الكلمات الجارحة وما إلى ذلك من الإستعمالات و الإستخدامات المجازية ومما تجدر الإشارة إليه أيضا ً أن نظرة الكثيرين إلى الألم على أنه مجرد عَرَض لمرض أو إصابة بدنية، مع قليل من الالتفات إلى حقيقة أن الألم يعتبر تجربة شخصية أو خاصة، إذ يمكن استعمال الألم لجذب مزيد من الاهتمام أو الحب أو العطف أيضا ً .

العلاج  الشافي للألام والتخلص منها يرتكز أساسا ً على معرفة وتشخيص السبب المباشر لها والشروع بمعالجتها ولكن هناك طرق سريعة وبسيطة لتخفيف الألم وتلك تتطلب بصورة عامة مجهودا ً أكبر من قبل الطبيب وصبرا ً أطول من المريض .

     ساتناول أدناه ملخصا ً لبعض أهم هذه الطرق :

1 - الراحة الجسدية :

     تعارف الناس منذ قرون عديدة وتيقنوا من تجاربهم الشخصية والعامة ما للراحة والإسترخاء من فائدة عظيمة في إزالة الألم، وتكون الراحة بتقليل الحركة والنشاط  للجسم كله أو للجزء المصاب منه .

2 - الراحة النفسية :

     من المؤكد أن السعادة والبهجة تخفف من وطأة الألم وتهونه وكما قيل :                                  **اضحك تضحك لك الدنيا **  وقد ظهر لفريق من خبراء الصحة الأمريكيين أن الضحك يريح أعصاب الأطفال والكبار أيضا ً ويقلل كثيرا من توترهم العصبي و له تأثير فعال وملموس على كيفية تقبلهم للألم والتعامل معه وتحمله. يعتقد هؤلاء الباحثون أن القوة العلاجية للفكاهة والضحك يمكن لها أن تقلص من درجات الألم، وتحسن أداء جهاز المناعة . تضيف الدكتورة مارجريت ستوبر رئيسة فريق الخبراء الأمريكيين  أن المستقبل غير البعيد سيشهد استخدام أشرطة الفيديو الفكاهية كجزء مكمل ضمن أجراأت التحضير للعمليات الطبية الرئيسية والكبرى .

3 – التدليك و الوسائل العلاجية الطبيعية تحت إشراف طبي

4 – الوسائل والطرق الدوائية :

     أشارت نتائج الدراسات الطبية الحديثة والمتواصلة  الى مدى التطور الذي شهده الطب في مجال تخفيف المعاناة عن المرضى والذي نتج عنه توفر العديد من العقاقير المخففة للألم والمهدئة للاعصاب، قليلة الأعراض الجانبية وعالية المفعول، وفي الوقت ذاته تهون على المريض معاناته وتنهيها في كثير من الحالات . تشكل الأدوية المسكنة للألم أهم  هذه الخيارات  حيث تلعب دوراً مهما في تخفيف الألم المزمن وتعتبر شديدة الفاعلية، كالأسبرين ومضادات الالتهاب غير الستيرودية كالفولتارين والبروفين. هناك مشتقات الأفيون مثل الكودايين والمورفين التي تعمل على التقليل من إشارات الألم في الحبل الشوكي والمخ , لكن تكمن مشكلتها في اعتماد وتعود المريض عليها، الأمر الذي قد يؤدى إلى إدمانها.  

كما تستعمل الكريمات والدهون المختلفة و لصاقة تخفيف الألم  الأمينة مقارنة مع الأدوية أنفة الذكر

5 - الوخز بالإبر الصينية، وهو أسلوب علاجي صيني قديم وأمين أثبت جدارة فاعليته في تخفيف الكثير من الألام المختلفة إن تم إجراءه بأيدي فنية  متخصصة  

عزيزي القارئ الكريم ..

      لقد إطلعت من خلال هذه الأسطر المتواضعة و بشكل مختصر وسريع موجز على بعض جوانب الألام من تعريف ووصف إضافة إلى أهم أنواعها وأسبابها ومررنا على عجلة باهم الطرق والوسائل العلاجية  اللازمة والممكن إتباعها لتخفيفها والتخلص منها

      سأتناول في الحلقة القادمة بعون الله أنواع وأصناف الألام كالصداع والصداع النصفي وألام الصدر والمغص المعوي والكلوي وألام الظهر و المفاصل , كفاكم الله قسوتها وشرورها .

     لمزيد من الإيضاح والإجابة على تساؤلات وإستشارات قرائي الكرام بالإمكان الإتصال بي عبر الهاتف

0046736934363

     مع تمنياتي بدوام الصحة والعافية

     الدكتور سالم الخفاف . السويد/ مالمو 

   drsalemh@hotmail.com