آثارنا في الدنمارك ( الحلقة الثانية).. الزميل صفاء الموسوي

متحف نيو كارلس بيرگ گليوبتوتيك

في هذه الحلقة اود ان اعرض شئ من اثار حضارتنا والتي معروضه في متحف گليوبتو تيك . يقع المتحف المذكور في وسط العاصمة الدنماركية وقرب ملاهي الالعاب المشهورة في الدنمارك والتي تدعى ( التيفولي) .يعود تأسيس هذا المتحف والذي كان بيتا لصاحب مصنع  الجعة ( البيرة) الثري كارل ياكوبسن ,والذي كان مع زوجته  شديد الاهتمام بجمع الاعمال الفنية والاثرية وخاصة الفرنسية والدنماركية ومن بلدان البحر المتوسط .ولقد  قرر في عام 1888 بعرض مقتنياته للشعب الدنماركي وذلك بالتوقيع على وثيقة اهداء تكون الحكومة الدنماركية  مسؤولة عن المتحف

آثارنا في المتحف

في احدى اقسام المتحف هناك مقتنيات تعود الى الحضارات القديمة وتشمل حضارة وادي الرافدين والحضارة الفرعونية والحضارة الفينيقية . وان اكثر ما موجود في المتحف يعود الى الحضارة المصرية الفرعونية اما التي من بلاد ما بين النهرين فهي قليلة اذا  ما قيست بما موجود في المتحف الوطني . ولقد قمت بألتقاط بعض الصور لما موجود في المتحف من حضارة وادي الرافدين .وأود ان اضيف بأنني قد ارسلت رسالة الى مسؤولة القسم وكانت فحوى الرسالة من اين حصل المتحف على المقتنيات العراقية ومتى ؟ وهل كانت بعثة اثار دنماركية تعمل في العراق؟ فأجابتني السيدة جيته كريستنسن بأن الاثار والتي هي جزء من بوابة عشتار كانوا قد حصلوا عليها من متحف بيرجيمون في برلين والتي فيها بوابة عشتار ( لمراجعة ما كتبته عن المتحف المذكور اضغط هنا)  وحيث انها اقتنيت منذ عام 1930 فأنهم لايمكنهم اعادتها الى متحف برلين , اما ما موجود من اثار قصر اشور بانيبال فأنهم قد حصلوا عليها نهاية القرن الماضي عندما كانت تجرى اعمال اغاثة للموقع الاثري , وبخصوص الاشياء الصغيرة فأنها كانت هدايا تقدم من دنماركيين اساتذه وفنانين قبل 30 سنة ماضية. ولقد شددت بأن المتحف لم يشتري الاعمال الفنية (الاثرية) لا من العراق ولا من غيره منذ السبعينات القرن الماضي ولا ينوون ذلك في المستقبل 

   

البوابة الرئيسية لمتحف نيو كارلس بيرگ ( وتعني قلعة كارل) اما  كلمة گليوبتوتيك فتعني مجموعات التماثيل ..لكثرة التماثيل الموجودة في المتحف

في وسط المتحف بركة ماء وحولها اشجار ونخيل باسقة ..في اشارة الى بلدان الجنوب

كاهن سومري.. يقول الاثارييون بأن كهنة المعابد كانوا في الواقع هم من  يحكمون الشعوب بموجب سلطة الاهية وهذا قبل السلالات الاولى والثانية في الزمن السومري  , اما بعدما جاء الملوك فلم تتأثر مكانتهم الاجتماعية وبقوا ضمن الطبقة الاستقراطية . وتجدر الاشارة بأن الاديان السماوية ظلت تحارب تلك السلطة والسطوة لرجال الدين والذين استعبدوا البشر بحجة انهم الادلاء الى المعبود .. وبهذا الصدد اشار القرأن الكريم الى ذلك وقال ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أإمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون  / التوبة 31) ..والسؤال هو  هل استطاع الاسلام اليوم ان يزيل تلك السطوة؟ الجواب كلا .. لانه ظهر رجال من هذا الدين مارسوا نفس العمل السابق للكهنة واتخذهم الناس اربابا .. وما زال القرآن يدوي في بيوتهم .. وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا 

جزء من بوابة عشتار .. وهي البوابة الضخمة في مدينة بابل ( باب الالهة) والتي توصل الى معبد مردوك , وفي كل عام يقام احتفال كبير يمر من تلك البوابة لتوصيل القرابين الى الالهة . ولكن من هي عشتار؟ ( إلهة الحب والحرب ) وكيف اصبحت إلهة لشيئين متناقضين؟  .. يقول المختصون بأن الديانة القديمة كانت تعتمد على الثالوث المقدس وهو (ايل ..الله ) ورسوله الى الارض (تموز اله الذكورة ) ليقوم بتخصيب  ( عشتار اله الامومة والطبيعة والحياة)  وان اساس الديانة هي التخصيب وان التخصيب لايأتي فقط من خلال الامطار بل ايضا من خلال الدماء فأن المرأة تتخصب بعد دماء النزف وعند الولادة تنزف ايضا , لذلك جعل الدم هو رمز لواقع الاخصاب والنماء.. ومن هنا جاء ذبح القرابيين للالهة وحتى في الديانات التوحيدية 

الملك اشور بانيبال (او مايسمى آشور ناصر بال الثاني)  .. احد ملوك دولة اشور .. وهذه الدولة العسكرية التي كان مركزها في شمال العراق استطاعت ان تحكم كل العراق وبلاد الشام ومصر وتركيا .. من المعروف بأن الاشوريين كانوا يملكون اكبر مكتبة ضمت الكثير من العلوم ومن قبلهم كان السومريين وبعد تلك المكتبة ظهرت مكتبة الاسكندرية التي ضاهت المكتبة الاشورية بتنوعها

لقد تزينت بوابة عشتار بالكثير من رسوم لحيوانات موجودة في المنطقة .. وبعض الرسومات جاءت من مخيلة البابليين ولم تكن موجودة في الواقع

اشار الاثاريين بأن الالوان المستخدمة في هذه القطع الجيرية جيئ بها من الباكستان .. وهذا يدل على انه كان تبادل تجاري  بين البابليين والاقوام الاخرى

كان الاشوريون في ذلك العهد ناس محاربين اشداء .. والحرب انعكست على عبادتهم فهم يقدسون إله الحرب (اشور )وايضا يقدسون عشتار  . واود ان اشير بأنه لم يكن فقط الاشوريين ينفردون بالحروب دون الحضارات البقية  بل جميع الحضارات القديمة والتي هي في الاساس قائمة على الحروب لاجل التوسع .. وان ماكتب عن الاشوريين هو مادونه اعدائهم عنهم ..وهذا امر طبيعي فأن كل حضارة جديدة تسيئ الى الحضارة السابقة وتصفها بأنها كانت سفاكة للدماء ( كلما دخلت امة لعنة اختها / الاعراف 38) والواقع ان الحضارة البشرية منذ البداية والى يومنا  هذا قائمة على  الصراع (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض / الحج40) ولعل من خلال هذا  الصراع تولد الحضارة .. واحسب ان تطور البشرية اليوم من خلال الاتصال الكبير فيما بينها قد يسهم بتحويل الصراع فيما بينها بشكل اكثر سلميا ..مجرد رأي

عند قراءة التاريخ تجد الحضارات تكبر وما ان تكبر حتى تبدأ بالزوال وهذا مرده الى الكثير من الاسباب ..منها يقول الدكتور المرحوم علي الوردي بأن الرجل القوي الذي يثور من اجل السلطة ويحصل عليه من خلال كفاحه يكون حريصا على ادامة الملك وتوسعته بالحروب وغيرها .. وما ان تصل السلطة (الملك) بيد احفاده او احفاد احفاده حتى يزول الملك وذلك لان التابعين لايستطيعون ان يحافظوا على السلطة كما حافظ عليه الاول ناهيك عن الحروب الداخلية التي تفتك بالدولة.. والحضارات تموت كما تموت وتفنى البشرية عند ميقاتها

يذكر بأن بداية الكتابة الاولى كانت عبارة عن صور .. الا ان جاءت اكتشاف الكتابة المسمارية  في جنوب العراق. في اعلى الصورة كتابة المسمارية وبعدها الفينيفية التي اخذت الكتابة من السومريين ولكنها طورتها بعض الشئ .. ومنهم استفادوا الاغريق من الكتابة وطوروها بعض الشئ الى ان وصلت الى العصر الروماني وكما نشاهده في اسفل الصورة

المجموعات الاثرية الصغيرة الموجودة في المتحف

من المعروف بأن مع بدايات الزراعة في بلاد مابين النهرين استطاع الانسان في ذلك العهد تدجين الحيوانات البرية لاستفادة من لحومها والبانها وكذلك في حرث الارض

امرأة اشورية

كانت الابقار في العهد القديم من اهم اركان الحياة الاقتصادية . وبما ان العبادة لم تتخلى عنها البشرية منذ ولادتها  فلقد كانت العبادات والطقوس الدينية تمارس في معظم مجالات الحياة ..وشمل ايضا  الابقار حيث كان يتم ادخال الابقار  الى المعابد للتبرك من الالهة

يعتقد الدكتور المرحوم علي الوردي بأن سكان الاهوار هم سكان العراق الاصليين ومن بقايا السومريين, وذلك لعدة اسباب منها نمط حياة السكان وطرق معيشتهم يشبه الى حد كبير ما كان يفعله السومريون في الاهوار من قبل وذلك من قبيل تربية المواشي ومنها الجاموس .. ومن سخرية القدر يظهر طاغية مجرم ( صدام المقبور) يصف سكان الاهوار بأنهم ليسوا بعراقيين وانهم اتوا من الهند مع جواميسهم ..نعم هكذا تكون طبيعة الطغاة (العراق هو انا .. وانا هو العراق) .. والغريب ان بعض العراقيين مازالو يقسمون الوطنية حسب ما يشتهون .. عمي كل احنه عراقيين وان كان بعض  اجدادنا قدموا من الجزيرة العربية (العرب) او من ايلام (كرد) او من العمورية (اشور)او من القوقاز (تركمان) .. المهم العراق هو الي يجمعنه

لوح مسماري

 

لمؤسسة الارشيف العراقي في الدنمارك قام بكتابة النص والتصوير

الزميل صفاء الموسوي

www.iraker.dk

1/6/2007

انقرهنا للذهاب الى الحلقة الثالثة او الحلقة الاولى